قولان. وظاهر أكثر الأخبار مع الثاني وإطلاق بعضها مع الأول، إلا أن مقتضى القاعدة إرجاعه إلى الأول.
وإن كان القول بالاستحباب ليس بذلك البعيد، للاجماع المنقول المعتضد بالشهرة. وكيف كان فلا تعلق له بصحة الغسل بلا خلاف، على ما حكاه بعض مشايخي - سلمه الله تعالى -.
فلو أثم بالتأخير عمدا على القول بالوجوب صح غسله ولزمه الاتيان به لمشروط به من العبادة. وهو العالم.
(الثاني) (غسل الحيض) وهو لغة في المشهور السيل، من قولهم: " حاض الوادي " إذا سال. وفي القاموس: الدم السائل من المرأة.
(والنظر فيه وفي أحكامه).
(وهو) دم يقذفه الرحم إذا بلغت المرأة، ثم تعتاده في أوقات معلومة غالبا لحكمة تربية الولد، فإذا حملت صرف الله تعالى ذلك الدم إلى تغذيته، فإذا وضعت الحمل خلع الله تعالى عنه صورة الدم وكساه صورة اللبن غالبا لاغتذاء الطفل، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي ذلك الدم بلا مصرف فيستقر في مكانه، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو تسعة أو أقل أو أكثر بحسب قرب المزاج من الحرارة وبعده عنها. وهو شئ معروف بين الناس، له أحكام كثيرة عند أهل الملل والأطباء، ليس بيانه موقوفا على الأخذ من الشرع، بل هو كسائر الأحداث - كالمني والبول وغيرهما - من موضوعات الأحكام التي لا نحتاج في معرفتها إلى بيان منه، بل متى تحقق وعرف تعلق به أحكامه المرتبة عليه عرفا وشرعا ولو خلت عن الأوصاف المتعارفة لها غالبا، كترتب أحكام الأحداث عليها بعد معرفتها ولو خلت عن أوصافها الغالبة لها.