مدرسة للفقه الشيعي، ومركزا كبيرا من مراكز الاشعاع العقلي في العالم الاسلامي.
ويطول بنا الحديث لو أردنا أن نحصي عدد الفقهاء من الشيعة في هذه الفترة وما تركوا من آثار، ويكفي الباحث أن يرجع إلى كتب أعيان الشيعة، ورجال النجاشي، والكشي، وتأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ليعرف مدى الأثر الذي تركه فقهاء الشيعة في هذه الفترة التي تكاد تبلغ قرنا ونصف قرن من تاريخ الاسلام في الدراسة الفقهية، والمحافظة على السنة النبوية.
والشئ الذي نحب أن نشير إليه هو أن ملامح المدرسة الفقهية في هذه الفترة في المدينة المنورة كانت أولية إلى حد ما، ولم تتبلور مسائل الخلاف والمقارنة في الفقه في هذه الفترة كما تبلورت بعد في الكوفة على يد تلامذة الإمام الصادق عليه السلام واستمرت إلى أيام أبي الحسن الرضا عليه السلام، فالاختلاف في القياس والاستحسان والرأي والاجتهاد، لم تظهر واضحة في هذه الفترة، وفي هذه المدرسة بالذات، وإن كانت المدينة هي المنطلق والمركز الأول للبحث الفقهي عند الشيعة، وعنها انتقلت المدرسة إلى الكوفة، وتبلورت المفاهيم، واتضحت نقاط الالتقاء والاختلاف. بين المذاهب الفقهية الاسلامية.
ومدونات الحديث كانت مقتصرة على عدد معدود من المدونات المعروفة التي تم تدوينها في المدينة المنورة والتي ضاع أكثرها.
ولم تكن هذه المدونات فيما عدا مدونة أمير المؤمنين عليه السلام دورات كاملة للحديث النبوي، وإنما كانت تجمع لقطات من السنة النبوية والأحكام الفقهية.
ولم تكن هناك كتب فقهية تعنى بالفتاوى خارج نطاق المدونات الحديثية.
كما لم تتبلور بعد لدى فقهاء الشيعة صياغة المقاييس الخاصة للاجتهاد والفتيا بصورة كاملة، والمقاييس الخاصة لمعالجة الأخبار المتعارضة، فلم يكثر