تقدير ثبوته في الآن الثاني في متن الواقع خاليا عن الدليل، فلا يخفى أن هذا الغرض حاصل في ما إذا كان الدليل هو الاجماع، نظرا إلى أن الاجماع وإن قطعنا بعدم جريانه في الآن الثاني، لكن لسنا قاطعين بعدم وجود دليل آخر مثبت للحكم في الآن الثاني فقط، أو فيه وفي الآن الأول أيضا، كيف!
ولو قطعنا بذلك العدم لم نشك في عدم الحكم في الآن اللاحق.
وإن كان هذا الاشتراط من جهة أنه لا بد من أن يكون الحكم على تقدير ثبوته قي الآن اللاحق ثابتا بنفس هذا الدليل الدال على الحكم الأول، وهذا لا يتصور عند ثبوت الحكم في الآن الأول بالاجماع، ففيه، أولا: أنه ما الدليل على هذه اللابدية؟ وأي قبح شرعي أو عقلي يتصور في عدم ذلك؟
وثانيا: أنه لا شك أن الاجماع كاشف عن قول المعصوم عليه السلام أو فعله أو تقريره، فنفرض أن نكون قاطعين بأن الحكم لو كان ثابتا في الآن الثاني فليس إلا بدلالة نفس ذلك القول أو الفعل أو التقرير الذي كشف الاجماع عن بعض مدلوله.
وإن كان هذا الاشتراط من جهة أنه لو لم يكن نفس الدليل الأول قابلا للدلالة على الحكم في الزمان الثاني واختص مدلوله بالحكم في الزمان الأول، فينفي ذلك الحكم في الآن الثاني بأصالة عدم الدليل عليه، بخلاف ما إذا كان نفس الدليل الأول قابلا لذلك، فلا يمكن إجراء أصالة عدم الدليل، لان الشك في مقدار دلالة الدليل ومدلوله، وأنه هل يكون ثبوت الحكم في الآن الأول فقط أو مطلقا؟ ومن المعلوم عدم جواز إجراء الأصل في مثله.
ففيه: أن حكم الزمان الثاني في ما نحن فيه لا محاله يحتاج إلى دليل