التكليف أيضا " - أعني به: عدم العمل بتكليف هذا اليوم - فقد أباح له العمل بتكليفات هذا اليوم بقوله: " لا تعمل بما أكلفك اليوم " فيلزم إفادة الكلام نقيض المقصود منه.
والحاصل: أن الموجب للخروج أمران، أحدهما: فهم العرف. والثاني:
لزوم التناقض. والأول أعم، فإنه قد يوجد فهم العرف الخروج، ولا يلزم التناقض. كما في " كل كلامي اليوم صادق ".
وأما إذا لم يوجد شئ من الموانع، فلا ضير في دخوله تحت حكم مدلوله. مثلا: لو فرضنا أن المولى قال لك مشافها: " لا تعمل بخبر يجيئك عني إذا لم يفد القطع " وفرضنا أن جميع العبيد مشاركون لك في تكاليفك، ثم وصل ذلك الخبر إليهم على وجه لا يفيد القطع، فلا ضير في أن يحكموا بعدم العمل بهذا الخبر، بأن يقولوا: إن هذا الخبر إما أن يكون قد صدر في نفس الامر من المولى أو لم يصدر، [ف] إن كان لم يصدر فعدم العمل به ظاهر، وإن صدر فهو بنفسه دال على عدم جواز العمل به حينئذ - أي حين صار خبرا غير مفيد للقطع - إذ لا ضير في أن يكون المولى قد أراد من قوله لذلك المشافه: " لا تعمل بخبر لا يفيد القطع " أنه حتى لو جاءكم هذا الذي أقوله شفاها على طريق الاخبار ولم يفد القطع فلا تعملوا به ولا تحكموا بحرمة العمل بالخبر الغير المفيد للقطع، بل توقفوا في هذه المسألة. لا أنه يجوز لكم العمل بالخبر الغير المفيد للقطع، إذ ليس معنى عدم جواز الحكم بالحرمة جواز الحكم بالإباحة، حتى تقول: إنه مناف لغرضه، بل يكون أمرا بالتوقف والتماس الدليل من الخارج.
ففي هذا المثال لا مانع من دخول نفس الشئ تحت مدلوله، ولا يلزم منه أن يكون الشئ رافعا لنفسه.