فهو كبيرة. وقال جماعة من أهل الأصول: الكبائر كل ذنب رتب الله عليه الحد أو صرح بالوعيد فيه. وقيل غير ذلك مما لا فائدة في التطويل بذكره. وأما الاختلاف في عددها فقيل: إنها سبع، وقيل سبعون، وقيل سبعمائة، وقيل غير منحصرة، ولكن بعضها أكبر من بعض، وسيأتي ما ورد في ذلك إن شاء الله. قوله (وندخلكم مدخلا) أي مكان دخول وهو الجنة (كريما) أي حسنا مرضيا، وقد قرأ أبو عمرو وابن كثير وابن عامر والكوفيون (مدخلا) بضم الميم. وقرأ أهل المدينة بفتح الميم، وكلاهما اسم مكان، ويجوز أن يكون مصدرا.
وقد أخرج ابن أبي حاتم والطبراني، قال السيوطي بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) قال: إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة. وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن في الآية قال: كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك الآية التي في النور - ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم - الآية. وأخرج ابن ماجة وابن المنذر عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إنما البيع عن تراض " وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح وعكرمة في قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) قالا: نهاهم عن قتل بعضهم بعضا. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدى (ولا تقتلوا أنفسكم) قال: أهل دينكم. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله (ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما) يعنى متعمدا اعتداء بغير حق (وكان ذلك على الله يسيرا) يقول: كان عذابه على الله هينا. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت قوله تعالى (ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا) في كل ذلك أم في قوله (ولا تقتلوا أنفسكم)؟ قال: بل في قوله (ولا تقتلوا أنفسكم). وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال: هان ما سألكم ربكم (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم). وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كل ما نهى عنه فهو كبيرة، وقد ذكرت الطرفة: يعني النظرة. وأخرج ابن جرير عنه قال: كل شئ عصى الله فيه فهو كبيرة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه قال: كل ما وعد الله عليه النار كبيرة. وأخرج ابن جرير والبيهقي في الشعب عنه قال: الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ما قدمنا عنه. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس: أنه سئل عن الكبائر أسبع هي؟ قال: هي إلى السبعين أقرب. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه: أن رجلا سأله كم الكبائر أسبع هي؟ قال: هي إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع، غير أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار. وأخرج البيهقي في الشعب عنه كل ذنب أصر عليه العبد كبيرة، وليس بكبيرة ما تاب عنه العبد. وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " وثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي بكرة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ". وأخرج