وقيل هم المجوس لأنهم أرادوا أن يتبعهم المسلمون في نكاح الأخوات من الأب. والأول أولى. والميل:
العدول عن طريق الاستواء. والمراد بالشهوات هنا ما حرمه الشرع دون ما أحله، ووصف الميل بالعظم بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة نادرا. قوله (والله يريد أن يخفف عنكم) بما مر من الترخيص لكم، أو بكل ما فيه تخفيف عليكم (وخلق الإنسان ضعيفا) عاجزا غير قادر على ملك نفسه ودفعها عن شهواتها وفاء بحق التكليف فهو محتاج من هذه الحيثية إلى التخفيف، فلهذا أراد الله سبحانه التخفيف عنه.
وقد أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: حرم من النسب سبع ومن الصهر سبع، ثم قرأ (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله (وبنات الأخت) هذا من النسب، وباقي الآية من الصهر، والسابعة (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء). وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن عمران بن حصين في قوله (وأمهات نسائكم) قال: هي مبهمة. وأخرج هؤلاء عن ابن عباس قال: هي مبهمة إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها أو ماتت لم تحل له أمها. وأخرج هؤلاء إلا البيهقي عن علي في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها، أو ماتت قبل أن يدخل بها هل تحل له أمها؟ قال: هي بمنزلة الربيبة. وأخرج هؤلاء عن زيد بن ثابت أنه كان يقول: إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها، وإذا طلقها قبل أن يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال في قوله (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم) أريد بهما الدخول جميعا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال: الربيبة والأم سواء لا بأس بهما إذا لم يدخل بالمرأة. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كانت عندي امرأة فتوفيت، وقد ولدت لي فوجدت عليها، فلقيني علي بن أبي طالب فقال: مالك؟ فقلت: توفيت المرأة، فقال علي لها: ابنة؟ قلت:
نعم وهي بالطائف، قال: كانت في حجرك؟ قلت لا: قال: فانكحها، قلت: فأين قول الله (وربائبكم اللاتي في حجوركم)؟ قال: إنها لم تكن في حجرك.
وقد قدمنا قول من قال: إنه إسناد ثابت على شرط مسلم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الدخول الجماع. وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء قال: كنا نتحدث أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لما نكح امرأة زيد قال المشركون بمكة في ذلك، فأنزل الله (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) ونزلت - وما جعل أدعياءكم وأبناءكم - ونزلت - ما كان محمد أبا أحد من رجالكم -. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وأن تجمعوا بين الأختين) قال يعنى في النكاح. وأخرج عبد بن حميد عنه في الآية قال: ذلك في الحرائر، فأما المماليك فلا بأس. وأخرج ابن المنذر عنه نحوه من طريق أخرى. وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عثمان بن عفان: أن رجلا سأله عن الأختين في ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ قال:
أحلتهما آية وحرمتهما آية، وما كنت لأصنع ذلك، فخرج من عنده، فلقي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراه علي بن أبي طالب، فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شئ ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن علي: أنه سئل عن رجل له أمتان أختان، وطئ إحداهما وأراد أن يطأ الأخرى، فقال: لا حتى يخرجها من ملكه، وقيل فإن زوجها عبده؟ قال:
لا حتى يخرجها من ملكه. وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن