قلت لعطاء ما يقول في قوله (كتب عليكم القتال) أوجب الغزو على الناس من أجلها؟ قال لا، كتب على أولئك حينئذ. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن شهاب في الآية قال: الجهاد مكتوب على كل أحد غزا أو قعد، فالقاعد إن استعين به أعان، وإن استغيث به أغاث، وإن استنفر نفر، وإن استغنى عنه قعد، وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله (وهو كره لكم) قال: نسختها هذه الآية - وقالوا سمعنا وأطعنا -. وأخرجه ابن جرير موصولا عن عكرمة عن ابن عباس. وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق علي قال: عسى من الله واجب. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى نحوه أيضا. وقد ورد في فضل الجهاد ووجوبه أحاديث كثيرة لا يتسع المقام لبسطها.
قوله (قتال فيه) هو بدل اشتمال، قاله سيبويه. ووجهه أن السؤال عن الشهر لم يكن إلا باعتبار ما وقع فيه من القتال. قال الزجاج: المعنى يسئلونك عن القتال في الشهر الحرام، وأنشد سيبويه قول الشاعر:
فما كان قيس هلكه هلك واحد * ولكنه بنيان قوم تهدما فقوله هلكه بدل اشتمال من قيس، وقال الفراء: هو مخفوض يعني قوله (قتال فيه) على نية عن وقال أبو عبيدة:
هو مخفوض على الجوار. قال النحاس: لا يجوز أن يعرب الشئ على الجوار في كتاب الله ولا في شئ من الكلام، وإنما وقع في شئ شاذ، وهو قولهم: هذا جحر ضب خرب. وتابع النحاس ابن عطية في تخطئة أبي عبيدة.
قال النحاس: ولا يجوز إضمار عن، والقول فيه أنه بدل. وقرأ ابن مسعود وعكرمة " يسألونك عن الشهر الحرام وعن قتال فيه ". وقرأ الأعرج " قتال فيه " بالرفع. قال النحاس: وهو غامض في العربية، والمعنى: يسألونك عن الشهر الحرام جائز قتال فيه. وقوله (قل قتال فيه كبير) مبتدأ وخبر: أي القتال فيه أمر كبير مستنكر، والشهر الحرام: المراد به الجنس. وقد كانت العرب لا تسفك فيه دما ولا تغير على عدو، والأشهر الحرم هي:
ذو القعدة، وذو الحجة ومحرم، ورجب ثلاثة سرد وواحد فرد. وقوله (وصد عن سبيل الله) مبتدأ. وقوله (وكفر به) معطوف على صد. وقوله (والمسجد الحرام) عطف على سبيل الله. وقوله (وإخراج أهله منه) معطوف أيضا على صد. وقوله (أكبر عند الله) خبر صد وما عطف عليه: أي الصد عن سبيل الله، والكفر به والصد عن المسجد الحرام، وإخراج أهل الحرم منه (أكبر عند الله) أي أعظم إثما وأشد ذنبا من القتال في