ثم يفيض منها، فذلك قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) ". وأخرجا أيضا عنها موقوفا نحوه. وقد ورد في هذا المعنى روايات عن الصحابة والتابعين. وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى سماء الدنيا في الملائكة، فيقول لهم: عبادي آمنوا بوعدي، وصدقوا برسلي ما جزاؤهم؟ فيقال أن تغفر لهم، فذلك قوله (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم). وقد وردت أحاديث كثيرة في المغفرة لأهل عرفة، ونزول الرحمة عليهم، وإجابة دعائهم. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله تعالى (فإذا قضيتم مناسككم قال: حجكم. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله (فإذا قضيتم مناسككم) قال: إهراق الدماء (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) قال: تفاخر العرب بينها بفعال آبائها يوم النحر حين يفرغون، فأمروا بذكر الله مكان ذلك. وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال: كان المشركون يجلسون في الحج فيذكرون أيام آبائهم وما يعدون من أنسابهم يومهم أجمع، فأنزل الله على رسوله (فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا). وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن الزبير نحوه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد نحوه. وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير وعكرمة نحوه أيضا. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (كذكركم آباءكم) يقول: كما يذكر الأبناء الآباء. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أيضا أنه قيل له في قوله (كذكركم آباءكم) إن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه، فقال: إنه ليس بذاك، ولكن يقول: تغضب لله إذا عصى أشد من غضبك إذا ذكر والدك بسوء. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون: اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئا، فأنزل الله فيهم (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق) ويجئ بعدهم آخرون من المؤمنين فيقولون (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) فأنزل الله فيهم (أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب). وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: كان الناس في الجاهلية إذا وقفوا عند المشعر الحرام دعوا فقال أحدهم: اللهم ارزقني إبلا، وقال الآخر:
اللهم ارزقني غنما، فأنزل الله الآية. وأخرج ابن جرير عن أنس أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون: اللهم اسقنا المطر، وأعطنا على عدونا الظفر، وردنا صالحين إلى صالحين، فنزلت الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قول (أولئك لهم نصيب مما كسبوا) قال: مما عملوا من الخير. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (سريع الحساب) قال: سريع الإحصاء. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن علي قال:
الأيام المعدودات ثلاثة أيام: يوم الأضحى، ويومان بعده، اذبح في أيها شئت، وأفضلها أولها. وأخرج الفريابي وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن ابن عمر أنها أيام التشريق الثلاثة. وفي لفظ: هذه الأيام الثلاثة بعد يوم النحر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: الأيام المعلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق. وأخرج الطبراني عن ابن الزبير قال في قوله (واذكروا الله في أيام معدودات) قال: هن أيام التشريق، يذكر فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الأيام المعدودات أربعة أيام: يوم النحر، والثلاثة أيام بعده. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول التكبير واجب، ويتأول هذه الآية (واذكروا الله في أيام معدودات). وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه كان يكبر يوم النحر ويتلو هذه الآية.