عبد الله، لأن إسر في لغتهم هو العبد وإيل هو الله، قيل إن له اسمين، وقيل إسرائيل لقب له، وهو اسم عجمي غير منصرف، وفيه سبغ لغات: إسرائيل بزنة إبراهيم، وإسرائل بمدة مهموزة مختلسة رواها ابن شنبوذ عن ورش، وإسرائيل بمدة بعد الياء من غير همز وهي قراءة الأعمش وعيسى بن عمر، وقرأ الحسن من غير همز ولا مد وإسرائل بهمزة مكسورة. وإسراءل بهمزة مفتوحة، وتميم يقولون إسرائين. والذكر هو ضد الإنصات وجعله بعض أهل اللغة مشتركا بين ذكر القلب واللسان. وقال الكسائي: ما كان بالقلب فهو مضموم الذال، وما كان باللسان فهو مكسور الذال. قال ابن الأنباري: والمعنى في الآية: اذكروا شكر نعمتي، فحذف الشكر اكتفاء بذكر النعمة، وهي اسم جنس، ومن جملتها أنه جعل منهم أنبياء وأنزل عليهم الكتب والمن والسلوى، وأخرج لهم الماء من الحجر، ونجاهم من آل فرعون وغير ذلك. والعهد قد تقدم تفسيره. واختلف أهل العلم في العهد المذكور في هذه الآية ما هو؟ فقيل هو المذكور في قوله تعالى - خذوا ما آتيناكم بقوة - وقيل هو ما في قوله - ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا - وقيل هو قوله - وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب -. وقال الزجاج: هو ما أخذ عليهم في التوراة من اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل هو أداء الفرائض، ولا مانع من حمله على جميع ذلك. ومعنى قوله (أوف بعهدكم) أي بما ضمنت لكم من الجزاء. والرهب والرهبة: الخوف، ويتضمن الأمر به معنى التهديد، وتقديم معمول الفعل يفيد الاختصاص كما تقدم في - إياك نعبد - وإذا كان التقديم على طريقة الإضمار والتفسير مثل زيدا ضربته (وإياي فارهبون) كان أوكد في إفادة الإختصاص، ولهذا قال صاحب الكشاف: وهو أوكد في إفادة الاختصاص من إياك نعبد، وسقطت الياء من قوله (فارهبون) لأنها رأس آية (ومصدقا) حال من " ما " في قوله - ما أنزلت - أو من ضميرها المقدر بعد الفعل أي أنزلته. وقوله (أول كافر به) إنما جاء به مفردا، ولم يقل كافرين حتى يطابق ما قبله لأنه وصف لموصوف محذوف مفرد اللفظ، متعدد المعنى نحو فريق أو فوج. وقال الأخفش والفراء: إنه محمول على معنى الفعل، لأن المعنى أول من كفر. وقد يكون من باب قولهم هو أظرف الفتيان وأجمله كما حكى ذلك سيبويه، فيكون هذا المفرد قائما مقام الجمع، وإنما قال أول مع أنه قد تقدمهم إلى الكفر به كفار قريش، لأن المراد أول كافر به من أهل الكتاب، لأنهم العارفون بما يجب للأنبياء، وما يلزم من التصديق، والضمير في به عائد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أي لا تكونوا أول كافر بهذا النبي مع كونكم قد وجدتموه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل، مبشرا به في الكتب المنزلة عليكم. وقد حكى الرازي في تفسيره في هذا الموضع ما وقف عليه من البشارات برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الكتب السالفة، وقيل إنه عائد إلى القرآن المدلول عليه بقوله (بما أنزلت) وقيل عائد إلى التوراة المدلول عليها بقوله (لما معكم) وقوله (ولا تشتروا بآياتي) أي بأوامري ونواهي (ثمنا قليلا) أي عيشا نزرا ورئاسة لا خطر لها. جعل ما اعتاضوه ثمنا، وأوقع الاشتراء عليه وإن كان الثمن هو المشتري به، لأن الاشتراء هنا مستعار للاستبدال: أي لا تستبدلوا بآياتي ثمنا قليلا، وكثيرا ما يقع مثل هذا في كلامهم. وقد قدمنا الكلام عليه في تفسير قوله تعالى - اشتروا الضلالة بالهدى -، ومن إطلاق اسم الثمن على نيل عرض من أعراض الدنيا قول الشاعر:
إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها * فما أصبت بترك الحج من ثمن وهذه الآية وإن كانت خطابا لبني إسرائيل ونهيا لهم فهي متناولة لهذه الأمة بفحوى الخطاب أو بلحنه، فمن أخذ من المسلمين رشوة على إبطال حق أمر الله به، أو إثبات باطل نهى الله عنه، أو امتنع من تعليم