وذهبت إبله لعمهى: إذا لم يدر أين ذهبت، والعمه في القلب كالعمى في العين. قال في الكشاف: العمة مثل العمى، إلا أن العمى في البصر والرأي، والعمه في الرأي خاصة انتهى. والمراد أن الله سبحانه يطيل لهم المدة ويمهلهم كما قال - إنما نملي لهم ليزدادوا إثما -. قال ابن جرير (في طغيانهم يعمهون) في ضلالهم وكفرهم الذي قد غمرهم يترددون حيارى ضلالا لا يجدون إلى المخرج منه سبيلا، لأن الله قد طبع على قلوبهم وختم عليها، وأعمى أبصارهم عن الهدى وأغشاها، فلا يبصرون رشدا ولا يهتدون سبيلا. وقد أخرج الواحدي والثعلبي بسند واه، لأن فيه محمد بن مروان وهو متروك، عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه، وذكر قصة وقعت لهم مع أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بعضهم قالوا: إنا على دينكم (وإذا خلوا إلى شياطينهم) وهم إخوانهم قالوا (إنا معكم) على مثل ما أنتم عليه (إنما نحن مستهزءون) بأصحاب محمد (الله يستهزئ بهم) قال: يسخر بهم للنقمة منهم (ويمدهم في طغيانهم) قال: في كفرهم (يعمهون) قال: يترددون. وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عنه بمعناه وأطول منه. وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عنه بنحو الأول.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله (وإذا خلوا إلى شياطينهم) قال: رؤسائهم في الكفر. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال (وإذا خلوا) أي مضوا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحو ما قاله ابن مسعود، وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله (ويمدهم) قال: يملي لهم (في طغيانهم يعمهون) قال: في كفرهم يتمادون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحو ما قاله ابن مسعود في تفسير يعمهون. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد (يمدهم) يزيدهم (في طغيانهم يعمهون) قال يلعبون ويترددون في الضلالة. وأخرج أحمد في المسند عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعوذ بالله من شياطين الإنس والجن، فقلت: يا رسول الله وللإنس شياطين؟ قال: نعم قال سيبويه: صحت الواو في (اشتروا) فرقا بينها وبين الواو الأصلية في نحو - وأن لو استقاموا -. وقال الزجاج: حركت بالضم كما يفعل في نحن. وقرأ يحيى بن يعمر بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين. وقرأ أبو السماك العدوي بفتحها لخفة الفتحة. وأجاز الكسائي همز الواو. والشراء هنا مستعار للاستبدال: أي استبدلوا الضلالة بالهدى كقوله تعالى - فاستحبوا العمى على الهدى - فأما أن يكون معنى الشراء المعاوضة كما هو أصله حقيقة فلا، لأن المنافقين لم يكونوا مؤمنين فيبيعوا إيمانهم، والعرب قد تستعمل ذلك في كل من استبدل شيئا بشئ.
قال أبو ذؤيب * فإن تزعميني كنت أجهل فيكمو * فإني شريت الحلم بعدك بالجهل وأصل الضلالة الحيرة والجور عن القصد وفقد الاهتداء، وتطلق على النسيان، ومنه قوله تعالى - قال فعلتها إذا وأنا من الضالين -، وعلى الهلاك كقوله - وقالوا أإذا ضللنا في الأرض - وأصل الربح الفضل. والتجارة:
صناعة التاجر، وأسند الربح إليها على عادة العرب في قولهم: ربح بيعك وخسرت صفقتك، وهو من الإسناد المجازي، وهو إسناد الفعل إلى ملابس للفاعل كما هو مقرر في علم المعاني. والمراد: ربحوا وخسروا. والاهتداء قد سبق تحقيقه: أي وما كانوا مهتدين في شرائهم الضلالة، وقيل في سابق علم الله. وقد أخرج ابن إسحاق وابن