عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يقتل مسلم بكافر " وأما العبد ففيه عن السلف آثار متعددة أنهم لم يكونوا يقيدون العبد من الحر ولا يقتلون حرا بعبد وجاء في ذلك أحاديث لا تصح وحكى الشافعي الاجماع على خلاف قول الحنفية في ذلك ولكن لا يلزم من ذلك بطلان قولهم إلا بدليل مخصص للآية الكريمة.
ويؤيد ما قاله ابن الصباغ من الاحتجاج بهذه الآية الكريمة الحديث الثابت في ذلك كما قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي حدثنا حميد عن أنس بن مالك أن الربيع عمة أنس كسرت ثنية جارية فطلبوا إلى القوم العفو فأبوا فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال القصاص فقال أخوها - أنس بن النضر - يا رسول الله تكسر ثنية فلانة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا أنس كتاب الله القصاص قال فقال: لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنية فلانة. قال فرضي القوم فعفوا وتركوا القصاص فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره " أخرجاه في الصحيحين وقد رواه محمد بن عبد الله بن المثني الأنصاري في الجزء المشهور من حديثه عن حميد عن أنس بن مالك أن الربيع بنت النضر عمته لطمت جارية فكسرت ثنيتها فعرضوا عليهم الأرش فأبوا فطلبوا الأرش والعفو فأبوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص فجاء أخوها أنس بن النضر فقال: يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال النبي: صلى الله عليه وسلم: " يا أنس كتاب الله القصاص " فعفا القوم فقال رسول الله لله - صلى الله عليه وسلم -: " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لابره " رواه البخاري عن الأنصاري بنحوه وروى أبو داود حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن أبي نضرة عن عمران بن حصين أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء فأتى أهله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله إنا أناسا فقراء فلم يجعل عليه شيئا وكذا رواه النسائي عن إسحاق بن راهويه عن معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن قتادة به وهذا إسناد قوي رجاله كلهم ثقات وهو حديث مشكل اللهم إلا أن يقال إن الجاني كان قبل البلوغ فلا قصاص عليه ولعله تحمل أرش ما نقص من غلام الأغنياء عن الفقراء أو استعفاهم عنه وقوله تعالى " والجروح قصاص " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: تقتل النفس بالنفس وتفقأ العين بالعين وتقطع الانف بالأنف وتنزع السن بالسن وتقتص الجراح بالجراح فهذا يستوي فيه أحرار المسلمين فيما بينهم رجالهم ونساؤهم إذا كان عمدا في النفس وما دون النفس ويستوي فيه العبيد رجالهم ونساؤهم فيما بينهم إذا كان عمدا في النفس وما دون النفس رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
(قاعدة مهمة) الجراح تارة تكون في مفصل فيجب فيه القصاص بالاجماع كقطع اليد والرجل والكف والقدم ونحو ذلك وأما إذا لم تكن الجراح في مفصل بل في عظم فقال مالك: - رحمه الله - فيه القصاص إلا في الفخذ وشبهها لأنه مخوف خطر.
وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يجب القصاص في شئ من العظام إلا في السن وقال الشافعي: لا يجب القصاص في شئ من العظام مطلقا وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس وبه يقول: عطاء والشعبي والحسن البصري والزهري لإبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز وإليه ذهب سفيان الثوري والليث بن سعد وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد وقد احتج أبو حنيفة رحمه الله - بحديث الربيع بنت النضر على مذهبه أنه لا قصاص في عظم إلا في السن وحديث الربيع لا حجة فيه لأنه ورد بلفظ كسرت ثنية جارية وجائز أن تكون سقطت من غير كسر فيجب القصاص والحالة هذه بالاجماع وتمموا الدلالة بما رواه ابن ماجة من طريق أبي بكر بن عياش عن دهشم بن قران عن نمران بن جارية عن أبيه جارية بن ظفر الحنفي أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف من غير المفصل فقطعها فاستعدى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر له بالدية فقال: يا رسول الله أريد القصاص فقال: " خذ الدية بارك الله لك فيها ولم يقض له بالقصاص " وقال الشيخ أبو عمر بن عبد البر: ليس لهذا الحديث غير هذا الاسناد ودهشم بن قران الكعلي ضعيف أعرابي ليس حديثه مما يحتج به ونمران بن جارية ضعيف أعرابي أيضا وأبوه جارية بن ظفر مذكور في الصحابة ثم