قالوا: لا يجوز أن يقتص من الجراحة حتى تندمل جراحة المجني عليه فإن اقتص منه قبل الاندمال ثم زاد جرحه فلا شئ له والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا طعن رجلا بقرن في ركبته فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقدني فقال: " حتى تبرأ " ثم جاء إليه فقال أقدني فأقاده فقال: يا رسول الله عرجت فقال:
" قد نهيتك فعصيتني فأبعدك الله وبطل عرجك " ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من جرح حتى يبرأ صاحبه. تفرد به أحمد " مسألة " فلو اقتص المجني عليه من الجاني فمات من القصاص فلا شئ عليه عند مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين وغيرهم. وقال أبو حنيفة: تجب الدية في مال المقتص وقال عامر الشعبي وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار والحارث العكلي وابن أبي ليلى وحماد بن أبي سليمان والزهري والثوري:
تجب الدية على عاقلة المقتص له وقال ابن مسعود وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة وعثمان البستي يسقط عن المقتص له قدر تلك الجراحة ويجب الباقي في ماله. وقوله تعالى " فمن تصدق به فهو كفارة له " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس " فمن تصدق به " يقول فمن عفا عنه وتصدق عليه فهو كفارة للمطلوب وأجر للطالب وقال سفيان الثوري: عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: فمن تصدق به فهو كفارة للجارح وأجر المجروح على الله عز وجل رواه ابن أبي حاتم ثم قال: وروى عن خيثمة بن عبد الرحمن ومجاهد وإبراهيم في أحد قوليه وعامر الشعبي وجابر بن زيد نحو ذلك (الوجه الثاني) ثم قال: ابن أبي حاتم حدثنا حماد بن زاذان حدثنا حرمي - يعني ابن عمارة - حدثنا شعبة عن عثمان - يعني ابن أبي حفصة - عن رجل عن جابر بن عبد الله في قول الله عز وجل " فمن تصدق به فهو كفارة " له قال: المجروح وروى عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي في أحد قوليه وأبي إسحاق الهمداني نحو ذلك وروى ابن جرير عن عامر الشعبي وقتادة مثله وقال ابن أبي حاتم حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن قيس يعني ابن مسلم قال: سمعت طارق ابن شهاب يحدث عن الهيثم بن العريان النخعي قال: رأيت عبد الله بن عمرو عند معاوية - أحمر شبيها بالموالي - فسألته عن قول الله " فمن تصدق به فهو كفارة له " قال: يهدم عنه من ذنوبه بقدر ما تصدق به. وهكذا رواه سفيان الثوري عن قيس بن مسلم وكذا رواه ابن جرير من طريق سفيان وشعبة وقال ابن مردويه: حدثني محمد بن علي حدثنا عبد الرحيم بن محمد المجاشعي حدثنا محمد بن أحمد بن الحجاج المهري حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي حدثنا معلى - يعني ابن هلال - أنه سمع أبان بن ثعلب عن العريان بن الهيثم بن الأسود عن عبد الله بن عمرو عن أبان بن ثعلب عن الشعبي عن رجل من الأنصار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله " فمن تصدق به فهو كفارة له " قال " هو الذي تكسر سنه أو تقطع يده أو يقطع الشئ منه أو يجرح في بدنه فيعفو عن ذلك " (قال) فيحط عنه قدر خطاياه فإن كان ربع الدية فربع خطاياه وإن كان الثلث فثلث خطاياه وإن كانت الدية حطت عنه خطاياه كذلك " ثم قال ابن جرير: حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة حدثنا ابن فضيل عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر قال: دفع رجل من قريش رجلا من الأنصار فاندقت ثنيته فرفعه الأنصاري إلى معاوية فلما ألح عليه الرجل قال: شأنك وصاحبك قال: وأبو الدرداء عند معاوية فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من مسلم يصاب بشئ من جسده فيهبه إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة " فقال الأنصاري: أنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي.
فخلى سبيل القرشي فقال معاوية: مروا له بمال هكذا رواه ابن جرير ورواه الإمام أحمد فقال حدثنا وكيع حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر قال: كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار فاستعدى عليه معاوية فقال معاوية:
إنا سنرضيه فألح الأنصاري فقال معاوية: شأنك بصاحبك وأبو الدرداء جالس فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من مسلم يصاب بشئ من جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة أو حط عنه به خطيئة " فقال الأنصاري: فإني قد عفوت وهكذا رواه الترمذي من حديث ابن المبارك وابن ماجة من حديث وكيع كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق به ثم قال الترمذي: غريب من هذا الوجه ولا أعرف لأبي السفر سماعا من أبي الدرداء وقال ابن مردويه: حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا محمد بن علي بن زيد حدثنا سعيد بن منصور حدثنا سفيان عن عمران بن