يضلوك عن سبيل الله " الآية وقال محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد وابن صلوبا وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس بعضهم لبعض اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وساداتهم وأنا إن أتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن ونصدقك فأبى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عز وجل فيهم " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك " إلى قوله " لقوم يوقنون " رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وقوله تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم الياسق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الاسلامية وغيرها. وفيها كثير من الاحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير قال تعالى " أفحكم الجاهلية يبغون " أي يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون " من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون " أي ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها فإنه تعالى هو العالم بكل شئ القادر على كل شئ العادل في كل شئ. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هلال بن فياض حدثنا أبو عبيدة الناجي قال: سمعت الحكم يقول: من حكم بغير حكم الله فحكم الجاهلية. وأخبرنا يونس بن عبد الاعلى قراءة حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح قال: كان طاوس إذا سأله رجل: أفضل بين ولدي في النحل؟ قرأ " أفحكم الجاهلية يبغون " الآية. وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع أنا شعيب بن أبي حمزة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أبغض الناس إلى الله عز وجل من يبتغي في الاسلام سنة الجاهلية وطالب دم امرئ بغير حق ليريق دمه " وروى البخاري عن أبي اليمان بإسناده نحوه بزيادة.
* يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين (51) فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين (52) ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين (53) ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى الذين هم أعداء الاسلام وأهله - قاتلهم الله - ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك فقال " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " الآية قال ابن أبي حاتم: حدثنا كثير بن شهاب حدثنا محمد - يعني ابن سعيد بن سابق - حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب عن عياض: أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد وكان له كاتب نصراني فرفع إليه ذلك فعجب عمر وقال: إن هذا لحفيظ هل أنت قارئ لنا كتابا في المسجد جاء من الشام فقال: إنه لا