الأرض زينة لها، فخرج مخرج العموم، ومعناه الخصوص. فإن قلنا: هم الرجال أو العلماء، فلعبادتهم أو لدلالتهم على خالقهم. وإن قلنا: النبات والشجر، فلأنه زينة لها تجري مجرى الكسوة والحلية. وإن قلنا: إنه عام في كل ما عليها، فلكونه دالا على خالقه، فكأنه زينة الأرض من هذه الجهة.
قوله تعالى: * (لنبلوهم) * أي: لنختبر الخلق، والمعنى: لنعاملهم معاملة المبتلى. قال ابن الأنباري: من قال إن ما على الأرض يعني به النبات، قال: الهاء والميم ترجع إلى سكان الأرض المشاهدين للزينة، ومن قال: " ما على الأرض " الرجال، رد الهاء والميم على " ما على " لأنها بتأويل الجميع، ومعنى الآية: لنبلوهم فنرى أيهم أحسن عملا، هذا، أم هذا. قال الحسن: أيهم أزهد في الدنيا. وقد ذكرنا في هذه الآية أربعة أقوال في سورة هود. ثم أعلم الخلق أنه يفني جميع ذلك، فقال [تعالى]: * (وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا) * قال الزجاج: الصعيد: الطريق الذي لا نبات فيه. وقال ابن الأنباري: قال اللغويون: الصعيد: التراب، ووجه الأرض. فأما الجرز، فقال الفراء: أهل الحجاز يقولون: أرض " جرز "، وأسد تقول: " جرز " وجرز، وتميم تقول: أرض " جرز " وجرز " وبالتخفيف، وقال أبو عبيدة: الصعيد الجرز: الغليظ الذي لا ينبت شيئا. ويقال للسنة المجدبة: جرز، " وسنون أجراز " لجدوبتها، وقلة مطرها، وأنشد:
قد جرفتهن السنون الأجراز وقال الزجاج: الجرز: الأرض التي لا ينبت فيها شئ، كأنها تأكل النبت أكلا. وقال ابن الأنباري: قال اللغويون: الجرز: التي لا يبقى بها نبات، تحرق كل نبات يكون بها. وقال المفسرون: وهذا يكون يوم القيامة، يجعل الله الأرض مستوية لا نبات فيها ولا ماء.
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا " 9 " إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا " 10 " فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا " 11 " ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا " 12 " قوله تعالى: * (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم) * نزلت على سبب قد ذكرناه عند قوله تعالى: * (ويسألونك عن الروح) * قال ابن قتيبة: ومعنى " أم حسبت ": أحسبت. فأما " الكهف "