أحدها: لا تجهر بقراءتك، ولا تخافت بها، فكأنه نهي عن شدة الجهر وشدة المخافتة، قاله ابن عباس. فعلى هذا في تسمية القراءة بالصلاة قولان: ذكرهما ابن الأنباري. أحدهما: أن يكون المعنى: فلا تجهر بقراءة صلاتك. والثاني: أن القراءة بعض الصلاة، فنابت عنها، كما قيل لعيسى:
كلمة الله، لأنه بالكلمة كان.
والثاني: لا تصل مراءاة للناس، ولا تدعها مخافة الناس، قاله ابن عباس أيضا.
والثالث: لا تجهر بالتشهد في صلاتك، روي عن عائشة في رواية، وبه قال ابن سيرين.
والرابع: لا تجهر بفعل صلاتك ظاهرا ولا تخافت بها شديد الاستتار، قاله عكرمة.
والخامس: لا تحسن علانيتها، وتسئ سريرتها، قاله الحسن.
والسادس: لا تجهر بصلاتك كلها، ولا تخافت بجميعها، فاجهر في صلاة الليل، وخافت في صلاة النهار، على ما أمرناك به، ذكره القاضي أبو يعلى.
والقول الثاني: أن المراد بالصلاة. الدعاء، وهو قول عائشة، وأبي هريرة، ومجاهد.
قوله تعالى: * (ولا تخافت بها) * المخافتة: الإخفاء، يقال: صوت خفيت. * (وابتغ بين ذلك سبيلا) * أي: اسلك بين الجهر والمخافتة طريقا. وقد روي عن ابن عباس أنه قال: نسخت هذه الآية بقوله تعالى: * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخفية، ودون الجهر من القول) *، وقال ابن السائب: نسخت بقوله تعالى: * (فاصدع بما تؤمر) *; وعلى التحقيق، وجود النسخ هاهنا بعيد.
قوله تعالى: * (ولم يكن له شريك في الملك) * وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وطلحة بن مصرف: " في الملك " بكسر الميم. * (ولم يكن له ولي من الذل) * قال مجاهد: لم يحالف أحدا، ولم يبتغ نصر أحد; والمعنى: أنه لا يحتاج إلى موالاة أحد لذل يلحقه، فهو مستغن عن الولي والنصير. * (وكبره تكبيرا) * أي: عظمه تعظيما تاما.
والله أعلم بالصواب.