المغيرة قال: اتبعوني وأنا أحمل أوزاركم، فقال الله تعالى: * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) *، قال أبو عبيدة: والمعنى: ولا تأثم آثمة إثم أخرى. قال الزجاج: يقال: وزر، يزر، فهو وازر، وزرا، ووزرا، ووزرة، ومعناه: أثم إثما.
وفي تأويل هذه الآية وجهان:
أحدهما: أن الآثم لا يؤخذ بذنب غيره.
والثاني: أنه لا ينبغي أن يعمل الإنسان بالإثم، لأن غيره عمله، كما قال الكفار: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة) * ومعنى * (حتى نبعث رسولا) * أي: حتى نبين ما به نعذب، وما من أجله ندخل الجنة.
فصل قال القاضي أبو يعلى: في هذا دليل على أن معرفة الله لا تجب عقلا، وإنما تجب بالشرع، وهو بعثة الرسل، وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك، لم يقطع عليه بالنار. قال: وقيل معناه: أنه لا يعذب في ما طريقه السمع إلا بقيام حجة السمع من جهة الرسول، ولهذا قالوا: لو أسلم بعض أهل الحرب في دار الحرب ولم يسمع بالصلاة والزكاة ونحوها، لم يلزمه قضاء شئ منها، لأنها لم تلزمه إلا بعد قيام حجة السمع، والأصل فيه قصة أهل قباء حين استداروا إلى الكعبة ولم يستأنفوا، ولو أسلم في دار الإسلام ولم يعلم بفرض الصلاة، فالواجب عليه القضاء، لأنه قد رأى الناس يصلون في المساجد بأذان وإقامة، وذلك دعاء إليها.
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " 16 " وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا " 17 " قوله تعالى: * (وإذا أردنا أن نهلك قرية) * في سبب إرادته لذلك قولان:
أحدهما: ما سبق لهم في قضائه من الشقاء.
والثاني: عنادهم الأنبياء وتكذيبهم إياهم.
قوله تعالى: * (أمرنا مترفيها) * قرأ الأكثرون: " أمرنا " مخففة، على وزن " فعلنا "، وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه من الأمر، وفي الكلام إضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا، هذا