والقول الثاني: أنهم عنوا لبثهم في الدنيا، قاله الحسن، وقتادة.
قوله تعالى: * (إذ يقول أمثلهم طريقة) * أي: أعقلهم، وأعدلهم قولا * (إن لبثتم إلا يوما) * فنسي القوم مقدار لبثهم لهول ما عاينوا.
ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا " 105 " فيذرها قاعا صفصفا " 106 " لا ترى فيها عوجا وأمتا " 107 " يومئذ يتبعون الداعي لاعوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا " 108 " يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا " 109 " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما " 110 " * وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما " 111 " ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما " 112 " وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا " 113 " فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرءان من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما " 114 " قوله تعالى: * (ويسألونك عن الجبال) * سبب نزولها أن رجالا من ثقيف أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا محمد: كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
قوله تعالى: * (فينسفها ربي نسفا) * قال المفسرون: النسف: التذرية. والمعنى:
يصيرها رمالا تسيل سيلا، ثم يصيرها كالصوف المنفوش، تطيرها الرياح فتستأصلها * (فيذرها) * أي: يدع أماكنها من الأرض إذا نسفها * (قاعا) * قال ابن قتيبة القاع من الأرض: المستوي الذي يعلوه الماء، والصفصف: المستوي أيضا، يريد: أنه لا نبت فيها.
قوله تعالى: * (لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) * في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المراد بالعوج: الأودية، وبالأمت: الروابي، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وكذلك قال مجاهد: العوج: الانخفاض، والأمت: الارتفاع، وهذا مذهب الحسن. وقال ابن قتيبة:
الأمت: النبك.