فيه الكرم. وقال المبرد: الفردوس فيما سمعت من كلام العرب: الشجر المتلف، الأغلب عليه العنب. وقال ثعلب: كل بستان يحوط عليه فهو فردوس، قال عبد الله بن رواحة:
في جنات الفردوس ليس يخافون * خروجا عنها ولا تحويلا وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: قال الزجاج: الفردوس أصله رومي أعرب، وهو البستان، كذلك جاء في التفسير، وقد قيل: الفردوس تعرفه العرب، وتسمي الموضع الذي فيه كرم:
فردوسا. وقال أهل اللغة: الفردوس مذكر، وإنما أنث في قوله تعالى: * (يرثون الفردوس هم فيها خالدون) *. لأنه عنى به الجنة. وقال الزجاج: وقيل: الفردوس: الأودية التي تنبت ضروبا من النبت، وقيل: هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية، قال: والفردوس أيضا بالسريانية كذا لفظه:
فردوس، قال: ولم نجده في أشعار العرب إلا في شعر حسان، وحقيقته أنه البستان الذي يجمع كل ما يكون في البساتين، لأنه عند أهل كل لغة كذلك، وبيت حسان:
- فإن ثواب الله كل موحد * جنان من الفردوس فيها يخلد - وقال ابن الكلبي بإسناده: الفردوس: البستان بلغة الروم، وقال الفراء: وهو عربي أيضا، والعرب تسمي البستان الذي فيه الكرم فردوسا. وقال السدي: الفردوس أصله بالنبطية " فرداسا ".
وقال عبد الله بن الحارث: الفردوس: الأعناب. وقد شرحنا معنى قوله: " نزلا " آنفا.
قوله تعالى: * (لا يبغون عنها حولا) * قال الزجاج: لا يريدون عنها تحولا، يقال: قد حال من مكانه حولا، كما قالوا في المصادر: صغر صغرا، وعظم عظما، وعادني حبها عودا; قال: وقد قيل أيضا: إن الحول: الحيلة، فيكون المعنى: لا يحتالون منزلا غيرها.
فإن قيل: قد علم أن الجنة كثيرة الخير، فما وجه مدحها بأنهم لا يبغون عنها حولا؟
فالجواب: أن الإنسان قد يجد في الدار الأنيقة معنى لا يوافقه، فيحب أن ينتقل إلى دار أخرى، وقد يمل، والجنة على خلاف ذلك.
قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا " 109 "