قوله تعالى: * (فإذا جاء وعد الآخرة) * يعني: القيامة * (جئنا بكم لفيفا) * أي: جميعا، قاله ابن عباس، ومجاهد، وابن قتيبة. وقال الفراء: لفيفا، أي: من هاهنا ومن هاهنا. وقال الزجاج:
اللفيف: الجماعات من قبائل شتى.
وبالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا " 105 " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " 106 " قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا " 107 " ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا " 108 " ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا " 109 " قوله تعالى: * (وبالحق أنزلناه) * الهاء كناية عن القرآن، والمعنى: أنزلنا القرآن بالأمر الثابت والدين المستقيم، فهو حق، ونزوله حق، وما تضمنه حق. وقال أبو سليمان الدمشقي: " وبالحق أنزلناه " أي: بالتوحيد، " وبالحق نزل " يعني: بالوعد والوعيد، والأمر والنهي.
قوله تعالى: * (وقرآنا فرقناه) * قرأ علي عليه السلام، وسعد بن أبي وقاص، و أبي بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو رزين، ومجاهد، والشعبي، وقتادة، والأعرج، وأبو رجاء، وابن محيصن: " فرقناه " بالتشديد. وقرأ الجمهور بالتخفيف.
فأما قراءة التخفيف، ففي معناها ثلاثة أقوال:
أحدها: بينا حلاله وحرامه، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: فرقنا فيه بين الحق والباطل، قاله الحسن.
والثالث: أحكمناه، وفصلناه، كقوله تعالى: * (فيها يفرق كل أمر حكيم) *، قاله الفراء. وأما المشددة، فمعناها: أنه أنزل متفرقا، ولم ينزل جملة واحدة. وقد بينا في أول كتابنا هذا مقدار المدة التي نزل فيها.
قوله تعالى: * (لتقرأه على الناس على مكث) * قرأ أنس، والشعبي، والضحاك، وقتادة، أبو رجاء، وأبان عن عاصم، وابن محيصن: بفتح الميم; والمعنى: على تؤدة وترسل ليتدبروا معناه.
قوله تعالى: * (قل آمنوا به أولا تؤمنوا) * هذا تهديد لكفار مكة، والهاء كناية عن القرآن. * (إن الذين أوتوا العلم) * وفيهم ثلاثة أقوال: