إنما قام ليستأذن، فيأذن لمن شاء منهم، فالأمر إليه في ذلك. قال مجاهد: وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده.
قوله تعالى: * (واستغفر لهم الله) * أي: لخروجهم عن الجماعة إن رأيت لهم عذرا.
لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " 63 " ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم " 64 " قوله تعالى: * (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه نهي عن التعرض لإسخاط يكون رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فإنه إذا دعا على شخص فدعوته موجبة، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم أمروا أن يقولوا: يا رسول الله، ونهوا أن يقولوا: يا محمد، قاله سعيد بن جبير، وعلقمة، والأسود، وعكرمة، ومجاهد.
والثالث: أنه نهي لهم عن الإبطاء إذا أمرهم والتأخر إذا دعاهم، حكاه الماوردي.
وقرأ الحسن، وأبو رجاء، وأبو المتوكل، ومعاذ القارئ: " دعاء الرسول نبيكم " بياء مشددة ونون قبل الباء.
قوله تعالى: * (قد يعلم الله الذين يتسللون) * التسلل: الخروج في خفية. واللواذ: أن يستتر بشئ مخافة من يراه. والمراد بقوله " قد يعلم " التهديد بالمجازاة. قال الفراء: كان المنافقون يشهدون الجمعة فيذكرهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ويعيبهم بالآيات التي أنزلت فيهم، فإن خفي لأحدهم القيام قام، فذلك قوله: * (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا) * أي: يلوذ هذا بهذا، أي: يستتر ذا بذا. وإنما يقال: " لواذا " لأنها مصدر " لاوذت "، ولكان مصدرا ل " لذت " لقلت: لذت لياذا، كما يقال: قمت قياما. وكذلك قال ثعلب: وقع البناء على لاوذ ملاوذة، ولو بني على لاذ يلوذ، لقيل: لياذا. وقيل: هذا كان في حفر الخندق، كان المنافقون ينصرفون عن غير أمر رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مختفين.
قوله تعالى: * (فليحذر الذي يخالفون عن أمره) * في هاء الكناية قولان: