ولقد أريناه آياتنا كلها فكذب وأبى " 56 " قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى " 57 " فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى " 58 " قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى " 59 " فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى " 60 " قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى " 61 " فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى " 62 " قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى " 63 " فأجمعوا كيدكم ثم أئتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى " 64 " قوله تعالى: * (ولقد أريناه) * يعني: فرعون * (آياتنا كلها) * يعني: التسع الآيات، ولم ير كل آية لله، لأنها لا تحصى، * (فكذب) * إذ نسب الآيات إلى الكذب، وقال: هذا سحر * (وأبى) * أن يؤمن * (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا) * يعني: مصر * (بسحرك) * أي: تريد أن تغلب على ديارنا بسحرك فتملكها وتخرجنا منها * (فلنأتينك بسحر مثله) * أي: فلنقابلن ما جئت به من السحر بمثله * (فاجعل بيننا وبينك موعدا) * أي: اضرب بيننا وبينك أجلا وميقاتا * (لا نخلفه) * أي: لا نجاوزه * (نحن ولا أنت مكانا) * وقيل: المعنى: أجعل بيننا وبينك موعدا مكانا نتواعد لحضورنا ذلك المكان، ولا يقع منا خلاف في حضوره. * (سوى) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو والكسائي بكسر السين. وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، وخلف، ويعقوب: " سوى " بضمها. وقرأ أبي بن كعب، وأبو المتوكل، وابن أبي عبلة: " مكانا سواء " بالمد والهمز والنصب و التنوين وفتح السين.
وقرأ ابن مسعود مثله، إلا أنه كسر السين. قال أبو عبيدة: هو اسم للمكان النصف فيما بين الفريقين، والمعنى: مكانا تستوي مسافته على الفريقين، فتكون مسافة كل فريق إليه كمسافة الفريق الآخر. * (قال موعدكم يوم الزينة) * قرأ الجمهور برفع الميم. وقرأ الحسن، ومجاهد، وقتادة، وابن أبي عبلة، وهبيرة عن حفص بنصب الميم. وفي هذا " اليوم " أربعة أقوال:
أحدها: يوم عيد لهم، رواه أبو صالح عن ابن عباس، والسدي عن أشياخه، وبه قال مجاهد، وقتادة، وابن زيد.
والثاني: يوم عاشوراء، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.