الأمر على ذلك قالوا: هذا دين سوء، فينقلبون عن دينهم، فنزلت هذه الآية، هذا معنى قول ابن عباس، و به قال الأكثرون.
والثاني: أن رجلا من اليهود أسلم فذهب بصره وماله وولده، فتشاءم بالإسلام، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " إن الإسلام لا يقال ". فقال: إني لم أصب في ديني هذا خيرا، أذهب بصري ومالي وولدي، فقال: " يا يهودي: إن الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والفضة والذهب "، فنزلت هذه الآية، رواه عطية عن أبي سعيد الخدري.
ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين " 11 " يدعوا من دون الله مالا يضره ومالا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد " 12 " يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير " 13 " إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد " 14 " قوله تعالى: * (على حرف) * قال مجاهد، وقتادة: " على شك "، قال أبو عبيدة: كل شاك في شئ فهو على حرف لا يثبت ولا يدوم. وبيان هذا أن القائم على حرف الشئ غير متمكن منه فشبه به الشاك، لأنه قلق في دينه على غير ثبات، ويوضحه قوله تعالى: * (فإن أصابه خير) * أي:
رخاء وعافية * (اطمأن به) * على عبادة الله * (وإن أصابته فتنة) * اختبار بجدب وقلة مال * (انقلب على وجهه) * أي: رجع عن دينه إلى الكفر. والمعنى: انصرف إلى وجهه الذي توجه منه، وهو الكفر، * (خسر الدنيا) * حيث لم يظفر بما أراد منها، * (و) * خسر * (الآخرة) * بارتداده عن الدين.
وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو مجلز، ومجاهد، وطلحة بن مصرف، وابن أبي عبلة، وزيد عن يعقوب: " خاسر الدنيا " بألف قبل السين، وبنصب الراء " والآخرة " بخفض التاء. * (يدعو) * هذا المرتد، أي: يعبد * (مالا يضره) * إن لم يعبده * (ولا ينفعه) * إن أطاعه * (ذلك) * الذي فعل * (هو الضلال البعيد) * عن الحق * (يدعو لمن ضره) * قال بعضهم: اللام صلة، والمعنى: يدعو من ضره. وحكى الزجاج عن البصريين والكوفيين أن اللام معناها التأخير، والمعنى: يدعو من لضره * (أقرب من نفعه) *، قال: وشرح هذا أن اللام لليمين والتوكيد، فحقها أن تكون أول الكلام، فقدمت لتجعل في حقها. قال السدي: ضره في الآخرة بعبادته إياه أقرب من نفعه.