رب أعوذ بك من همزات الشياطين " 97 " وأعوذ بك رب أن يحضرون " 98 " قوله تعالى: * (إما تريني) * وقرأ أبو عمران الجوني، والضحاك: " ترئني " بالهمز بين الراء والنون من غير ياء. والمعنى: إن أريتني ما يوعدون من القتل والعذاب، فاجعلني خارجا عنهم ولا تهلكني بهلاكهم; فأراه الله تعالى ما وعدهم ببدر وغيرها، ونجاه ومن معه.
قوله تعالى: * (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) * فيه أربعة أقوال:
أحدها: ادفع إساءة المسئ بالصفح، قاله الحسن.
والثاني: أدفع الفحش بالسلام، قاله عطاء، والضحاك.
والثالث: ادفع الشرك بالتوحيد، قاله ابن السائب.
والرابع: ادفع المنكر بالموعظة، حكاه الماوردي. وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوخ بآية السيف.
قوله تعالى: * (نحن أعلم بما يصفون) * أي: بما يقولون من الشرك والتكذيب; والمعنى: إنا نجازيهم على ذلك. * (وقل رب أعوذ) * أي: ألجأ وأمتنع * (بك من همزات الشياطين) * قال ابن قتيبة: هو نخسها وطعنها، ومنه قيل للغائب: همزة، كأنه يطعن وينخس إذا عاب. وقال ابن فارس:
الهمز كالعصر، يقال: همزت الشئ في كفي، ومنه الهمز في الكلام، لأنه كأنه يضغط الحرف، وقال غيره: الهمز اللغة: الدفع، وهمزات الشياطين: دفعهم بالإغواء إلى المعاصي.
قوله تعالى: * (أن يحضرون) * أي: أن يشهدون; والمعنى: أن يصيبوني بسوء، لأن الشيطان لا يحضر ابن آدم إلا بسوء. ثم أخبر أن هؤلاء الكفار المنكرين للبعث يسألون الرجعة إلى الدنيا عند الموت بالآية التي تلي هذه، وقيل: هذا السؤال منهم للملائكة الذين يقبضون أرواحهم.
فإن قيل: كيف قال: " ارجعون " وهو يريد: " ارجعني "؟
فالجواب: أن هذا اللفظ تعرفه العرب للعظيم الشأن، وذلك أنه يخبل عن نفسه فيه بما تخبر به الجماعة، كقوله: * (إنا نحن نحيي ونميت) *، فجاء خطابه كإخباره عن نفسه، هذا قول الزجاج.
حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون " 99 " لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا