أحدها: أنه يوضع في مسامعهم مسامير من نار، ثم يقذفون في توابيت من نار مقفلة عليهم، رواه أبو أمامة عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في حديث طويل. وقال ابن مسعود: إذا بقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من نار، هو جعلت تلك التوابيت في توابيت أخرى، فلا يسمعون شيئا، ولا يرى أحدهم أن في النار أحدا يعذب غيره.
والثاني: أن السماع أنس، والله لا يحب ان يؤنسهم، قاله عون بن عمارة.
والثالث: إنما لم يسمعوا لشدة غليان جهنم، قاله أبو سليمان الدمشقي.
إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " 101 " لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون " 102 " لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " 103 " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " 104 " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون " 105 " إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين " 106 " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " 107 " قوله تعالى: * (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى) * سبب نزولها انه لما نزلت " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " شق ذلك على قريش، وقالوا: شتم آلهتنا، فجاء ابن الزبعري، فقال: ما لكم؟ قالوا: شتم آلهتنا، قال: وما قال؟ فأخبروه، فقال: ادعوه لي، فلما دعي رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، قال: يا محمد، هذا شئ لآلهتنا خاصة، أو لكل من عبد من دون الله؟ قال: " لا، بل لكل من عبد من دون الله "، فقال ابن الزبعري: خصمت ورب هذه البيت، ألست تزعم أن الملائكة عباد صالحون، وأن عيسى عبد صالح، وأن عزيرا عبد صالح، فهذه بنو مليح يعبدون الملائكة، وهذه النصارى تعبد عيسى، وهذه اليهود تعبد عزيرا، فضج أهل مكة، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. وقال الحسين بن الفضل: إنما أراد بقوله: * (وما تعبدون) * الأصنام دون غيرها،