الناس يذهب إلى أنه كان نبيا، وبعضهم يقول: كان عبدا صالحا. واختلف العلماء هل هو باق إلى يومنا هذا، على قولين حكاهما الماوردي، وكان الحسن يذهب إلى أنه مات، وكذلك كان ابن المنادي من أصحابنا يقول، ويقبح قول من يرى بقاءه، ويقول: لا يثبت حديث في بقائه. وروى أبو بكر النقاش أن محمد بن إسماعيل البخاري سئل عن الخضر وإلياس: هل هما في الأحياء؟ فقال:
كيف يكون ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد "؟!.
قوله تعالى: * (آتينا رحمة من عندنا) * في هذه الرحمة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها النبوة، قاله مقاتل.
والثاني: الرقة والحنو على من يستحقه، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: النعمة، قاله أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: * (وعلمناه من لدنا) * أي: من عندنا * (علما) * قال ابن عباس: أعطاه علما من علم الغيب.
قاله موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا " 66 " قال إنك لن تستطيع معي صبرا " 67 " وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا " 68 " قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا " 69 " قوله تعالى: * (أن تعلمني) * قرأ ابن كثير: " تعلمني مما " بإثبات الياء في الوصل والوقف.
وقرأ نافع، وأبو عمرو بياء في الوصل. وقرأ ابن عامر، وعاصم بحذف الياء في الحالين.
قوله تعالى: * (مما علمت رشدا) * قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي:
" رشدا " بضم الراء، خفيفة. وقرأ أبو عمرو: " رشدا " بفتح الراء والشين. وعن ابن عامر بضمهما. والرشد، والرشد: لغتان، كالنخل والبخل، والعجم والعجم، والعرب والعرب، والمعنى: أن تعلمني علما ذا رشد. وهذه القصة قد حرضت على الرحلة في طلب العلم، واتباع المفضول للفاضل طلبا للفضل، وحثت على الأدب والتواضع للمصحوب.
قوله تعالى: * (إنك لن تستطيع معي صبرا) * قال ابن عباس: لن تصبر على صنعي، لأني علمت من غيب علم ربي.