قوله تعالى: * (ووهبنا له من رحمتنا) * أي: من نعمتنا عليه إذ أجبنا دعاءه حين سأل أن نجعل معه أخاه وزيرا له.
واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " 54 " وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا " 55 " واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا " 56 " ورفعناه مكانا عليا " 57 " قوله تعالى: * (إنه كان صادق الوعد) * هذا عام فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين الناس، وقال مجاهد: لم يعد ربه بوعد قط إلا وفي له به.
فإن قيل: كيف خص بصدق الوعد إسماعيل، وليس في الأنبياء من ليس كذلك؟
فالجواب: أن إسماعيل عانى في الوفاء بالوعد ما لم يعانه غيره من الأنبياء، فأثني عليه بذلك. وذكر المفسرون: أنه كان بينه وبين رجل ميعاد، فأقام ينتظره مدة فيها لهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه أقام حولا، قاله ابن عباس.
والثاني: اثنين وعشرين يوما، قاله الرقاشي.
والثالث: ثلاثة أيام، قاله مقاتل.
قوله تعالى: * (وكان رسولا) * إلى قومه، وهم جرهم. * (وكان يأمر أهله) * قال مقاتل: يعني:
قومه. وقال الزجاج: أهله جميع أمته. فأما الصلاة والزكاة، فهما العبادتان المعروفتان.
قوله تعالى: * (ورفعناه مكانا عليا) * فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه في السماء الرابعة، روى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث مالك بن صعصعة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث المعراج: أنه رأى إدريس في السماء الرابعة، وبهذا قال أبو سعيد الخدري، ومجاهد، وأبو العالية.
والثاني: أنه في السماء السادسة، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الضحاك.
والثالث: أنه في الجنة، قاله زيد بن أسلم، وهذا يرجع إلى الأول، لأنه قد روي أن الجنة في السماء الرابعة.
والرابع: أنه في السماء السابعة، حكاه أبو سليمان الدمشقي.
وفي سبب صعوده إلى السماء ثلاثة أقوال: