واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شئ مقتدرا " 45 " قوله تعالى: * (اضرب لهم مثل الحياة الدنيا) * أي: في سرعة نفادها وذهابها، وقيل: في تصرف أحوالها، إذ مع كل فرحة ترحة، وهذا مفسر في سورة (يونس) إلى قوله: * (فأصبح هشيما) *.
قال الفراء: الهشيم: كل شئ كان رطبا فيبس. وقال الزجاج: الهشيم: النبات الجاف. وقال ابن قتيبة: الهشيم من النبت: المتفتت، وأصله من هشمت الشئ: إذا كسرته، ومنه سمي الرجل هاشما. * (وتذروه الرياح) * تنسفه. وقرأ أبي، وابن عباس، وابن أبي عبلة: " تذريه " برفع التاء وكسر الراء بعدها ياء ساكنة وهاء مكسورة. وقرأ ابن مسعود كذلك، إلا أنه فتح التاء. والمقتدر: مفتعل، من قدرت. قال المفسرون: * (وكان الله على كل شئ) * من الإنشاء والإفناء * (مقتدرا) *.
المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا " 46 " قوله تعالى: * (المال البنون زينة الحياة الدنيا) * هذا رد على المشركين الذين كانوا يفتخرون بالأموال والأولاد، فأخبر الله تعالى أن ذلك مما يتزين به في الدنيا، لا مما ينفع في الآخرة.
قوله تعالى: * (والباقيات الصالحات) * فيها خمسة أقوال:
أحدها: أنها " سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر "; روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: " إن عجزتم عن الليل، أن تكابدوه، وعن العدو أن تجاهدوه، فلا تعجزوا عن قول:
" سبحان الله " والحمد الله " ولا إله إلا الله، والله أكبر، فقولوها، فإنهن الباقيات الصالحات "، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء، وبه قال مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضحاك. وسئل عثمان بن عفان عن الباقيات الصالحات، فقال هذه الكلمات، وزاد فيها: " ولا حول ولا قوة إلا بالله ". وقال سعيد ابن المسيب، ومحمد بن كعب القرظي مثله سواء.
والثاني: " أنها لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله; ولا قوة إلا بالله " رواه علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثالث: الصلوات الخمس، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال ابن مسعود، ومسروق، وإبراهيم.
والرابع: الكلام الطيب، رواه العوفي عن ابن عباس.
والخامس: هي جميع أعمال الحسنات، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال قتادة،