وفي هذا الصبر وجهان:
أحدهما: على الإنكار. والثاني: عن السؤال.
قوله تعالى: * (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) * الخبر: علمك بالشيء; والمعنى:
كيف تصبر على أمر ظاهره منكر، وأنت لا تعلم باطنه؟!
قوله تعالى: * (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) * قال ابن الأنباري: نفي العصيان منسوق على الصبر. والمعنى: ستجدني صابرا ولا أعصي إن شاء الله.
قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا " 70 " فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا " 71 " قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا " 72 " قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا " 73 " فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا " 74 " قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا " 75 " قال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا " 76 " فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا " 77 " قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبرا " 78 " قوله تعالى: * (فلا تسألني) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: " فلا تسألني " ساكنة اللام. وقرأ نافع: " تسألني " مفتوحة اللام مشددة النون. وقرأ ابن عامر في رواية الداجوني: " فلا تسألن عن شئ " بتحريك اللام من غير ياء، والنون مكسورة. والمعنى: لا تسألني عن شئ مما أفعله * (حتى أحدث لك منه ذكرا) * أي: حتى أكون أنا الذي أبينه لك، لأن علمه قد غاب عنك.
قوله تعالى: * (خرقها) * أي: شقها. قال المفسرون: قلع منها لوحا، وقيل: لوحين مما يلي الماء، فحشاها موسى بثوبه وأنكر عليه ما فعل بقوله: * (أخرقتها لتغرق أهلها) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: لتغرق بالتاء أهلها بالنصب. وقرأ حمزة، والكسائي: