كتاب، وأنتم تعرفون، ثم كفرتم به حسدا، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس، وقتادة.
والثالث: أنها في جميع المؤمنين، والكفار، وإلى هذا المعنى ذهب الحسن، وعطاء، ومجاهد.
والرابع: أنها نزلت في اختصام الجنة والنار، فقالت النار: خلقني الله لعقوبته، وقالت الجنة: خلقني الله لرحمته، قاله عكرمة.
فأما قوله تعالى: * (هذان) * وقرأ ابن عباس، وابن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وابن كثير:
" هاذان " بتشديد النون " خصمان "، فمعناه: جمعان، وليسا برجلين، ولهذا قال تعالى:
* (اختصموا) * ولم يقل: اختصما; على أنه قرأ ابن مسعود، وابن أبي عبلة: " اختصما ".
وفي خصومتهم ثلاثة أقوال:
أحدها: في دين ربهم، وهذا على القولين الأوليين.
والثاني: في البعث، قاله مجاهد. والثالث: أنه خصام مفاخرة، على قول عكرمة.
قوله تعالى: * (قطعت لهم ثياب) * أي: سويت وجعلت لباسا. قال ابن عباس: قمص من نار، وقال سعيد بن جبير: المراد بالنار هاهنا: النحاس. فأما " الحميم " فهو الماء الحار * (يصهر به) * قال الفراء: يذاب به، يقال صهرت الشحم بالنار. قال المفسرون: يذاب بالماء الحار * (ما في بطونهم) * من شحم أو معي حتى يخرج من أدبارهم، وتنضج الجلود فتتساقط من حره، * (ولهم مقامع) * قال الضحاك: هي المطارق. وقال الحسن: إن النار ترميهم بلهبها، حتى إذا كانوا في أعلاها، ضربوا بمقامع فهووا فيها سبعين خريفا، فإذا انتهوا إلى أسفلها، ضربهم زفير لهبها، فلا يستقرون ساعة. قال مقاتل: إذا جاشت جهنم، ألقتهم في أعلاها، فيريدون الخروج، فتتلقاهم خزنة جهنم بالمقامع، فيضربونهم، فيهوي أحدهم من تلك الضربة إلى قعرها. وقال غيره: إذا دفعتهم النار، ظنوا أنها ستقذفهم خارجا منها، فتعيدهم الزبانية بمقامع الحديد.
إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير " 23 " وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد " 24 " قوله تعالى: * (ولؤلؤ) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " ولؤلؤ "