والثاني: قضاء من الله يقضيه، قاله ابن زيد.
والثالث: مرامي من السماء، واحدها: حسبانة، قاله أبو عبيدة، وابن قتيبة. قال النضر بن شميل: الحسبان: سهام يرمي: بها الرجل في جوف قصبة ينزع " في القوس، ثم يرمي بعشرين منها دفعة، فعلى هذا القول يكون المعنى: ويرسل عليها مرامي من عذابه، إما حجارة أو بردا أو غيرهما مما يشاء من أنواع العذاب.
والرابع: أن الحسبان: الحساب، كقوله: * (الشمس والقمر بحسبان) * أي: بحساب، فيكون المعنى: ويرسل عليها عذاب حساب ما كسبت يداه، هذه قول الزجاج.
قوله تعالى: * (فتصبح صعيدا زلقا أو يصبح ماؤها غورا) * قال ابن قتيبة: الصعيد الأملس المستوى، والزلق: الذي تزل عنه الأقدام، والغور: الغائر، فجعل المصدر صفة، يقال: ماء غور، ومياه غور، ولا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث، كما يقال: رجل نوم، ورجل صوم، ورجل فطر، ورجال نوم، ونساء نوم، ويقال للنساء إذا نحن: نوح، والمعنى: يذهب ماؤها غائرا في الأرض، أي: ذاهبا فيها. * (فلن تسطيع له طلبا) * فلا يبقى له أثر تطلبه به، ولا تناله الأيدي ولا الأرشية.
وقال ابن الأنباري: " غورا " إذا غور، فسقط المضاف، وخلفه المضاف إليه، والمراد بالطلب هاهنا:
الوصول، فقام الطلب مقامه لأنه سببه. وقرأ أبو المتوكل وأبو الجوزاء: " غؤورا " برفع الغين والواو جميعا.
وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا " 42 " ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا " 43 " هنا لك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا " 44 " قوله تعالى: * (وأحيط بثمره) * أي: أحاط الله العذاب بثمره، وقد سبق معنى الثمر. * (فأصبح يقلب كفيه) * أي: يضرب بيد على يد، وهذا فعل النادم، * (على ما أنفق فيها) * أي: في جنته، و " في " هاهنا بمعنى " على ". * (وهي خاوية) * أي: خالية ساقطة * (على عروشها) * والعروش:
السقوف; والمعنى: أن حيطانها قائمة والسقوف قد تهدمت فصارت في قرارها، فصارت الحيطان كأنها على السقوف. * (ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا) * فأخبر الله تعالى أنه لما سلبه ما أنعم به عليه، وحقق ما أنذره به أخوه في الدنيا، ندم على شركه حين لا تنفعه الندامة. وقيل: إنما يقول هذا في القيامة. * (ولم تكن له فئة) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: " ولم تكن " بالتاء.