قوله تعالى: * (وجعلنا في الأرض رواسي) * قد فسرناه في [سورة] النحل.
قوله تعالى: * (وجعلنا فيها) * أي: في الرواسي * (فجاجا) * قال أبو عبيدة: هي المسالك.
قال الزجاج: الفجاج جمع فج، وهو كل منخرق بين جبلين، ومعنى * (سبلا) * طرقا. قال ابن عباس: جعلنا من الجبال طرقا كي تهتدوا إلى مقاصدكم في الأسفار. قال المفسرون: وقوله:
* (سبلا) * تفسير للفجاج، وبيان أن تلك الفجاج نافذة مسلوكة، فقد يكون الفج غير نافذ. * (وجعلنا السماء سقفا) * أي: هي الأرض كالسقف.
وفي معنى * (محفوظا) * قولان:
أحدهما: بالنجوم من الشياطين، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: محفوظا من الوقوع إلا بإذن الله، قاله الزجاج.
قوله تعالى: * (وهم) * يعني: كفار مكة * (عن آياتها) * أي: شمسها وقمرها ونجومها، قال الفراء: وقرا مجاهد: " عن آيتها " فوحده، فجعل السماء بما فيها آية; وكل صواب.
قوله تعالى: * (كل) * يعني: الطوالع * (في فلك) * قال ابن قتيبة: الفلك: مدار النجوم الذي يضمها، وسماه فلكا، لاستدارته، ومنه قيل: فلكه المغزل، وقد فلك ثدي المرأة. قال أبو سليمان:
وقيل: إن الفلك - كهيئة الساقية من ماء - مستديرة دون السماء وتحت الأرض، فالأرض وسطها والشمس والقمر والنجوم والليل والنهار يجرون في الفلك، وليس الفلك يديرها. ومعنى " يسبحون ": يجرون. قال الفراء: لما كانت السباحة من أفعال الآدميين، ذكرت بالنون، كقوله:
* (رأيتهم لي ساجدين) * لأن السجود من أفعال الآدميين.
وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون " 34 " كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون " 35 " وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون " 36 " قوله تعالى: * (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) * سبب نزولها أن ناسا قالوا: إن محمدا لا يموت، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل. ومعنى الآية ما خلدنا قبلك أحدا من بني آدم; والخلد:
البقاء الدائم. * (أفإن مت فهم الخالدون) * يعني: مشركي مكة، لأنهم قالوا: * (نتربص به ريب المنون) *.