وفي قوله تعالى: * (ونحشره يوم القيامة أعمى) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو وابن عامر، وحفص عن عاصم: " أعمى " " حشرتني أعمى " بفتح الميمين. وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم بكسرهما. وقرأ نافع بين الكسر والفتح. ثم في هذا المعنى للمفسرين قولان:
أحدهما: أعمى البصر، روى أبو صالح عن ابن عباس قال: إذا أخرج من القبر خرج بصيرا، فإذا سيق إلى المحشر عمي.
والثاني: أعمى عن الحجة، قاله مجاهد، وأبو صالح. قال الزجاج: معناه: فلا حجة له يهتدي بها، لأنه ليس للناس على الله حجة بعد الرسل.
قوله تعالى: * (كذلك) * أي: الأمر كذلك كما ترى * (أتتك آياتنا فنسيتها) * أي: فتركتها ولم تؤمن بها، وكما تركتها في الدنيا تترك اليوم في النار. * (وكذلك) * أي: وكما ذكرنا * (نجزي من أسرف) * أي: أشرك، * (ولعذاب الآخرة أشد) * من عذاب الدنيا ومن عذاب القبر * (وأبقى) * لأنه يدوم.
أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهي " 128 " ولولا كلمة هذه من ربك لكان لزاما وأجل مسمى " 129 " فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آنائ الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى " 130 " قوله تعالى: * (أفلم يهد لهم) * أي: أفلم يتبين لكفار مكة إذا نظروا آثار من أهلكنا من الأمم; وكانت قريش تتجر وترى مساكن عاد وثمود وفيها علامات الهلاك، فذلك قوله تعالى:
* (يمشون في مساكنهم) *. وروى زيد عن يعقوب: " أفلم نهد " بالنون.
قوله تعالى: * (ولولا كلمة سبقت من ربك) * في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إلى يوم القيامة، وقيل: إلى يوم بدر، وقيل إلى انقضاء آجالهم * (لكان لزاما) * أي: لكان العذاب لزاما، أي: لازما لهم. واللزام: مصدر وصف به العذاب. قال الفراء وابن قتيبة: في هذه الآية تقديم وتأخير، والمعنى: ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما.
قوله تعالى: * (فاصبر على ما يقولون) * أمر الله تعالى نبيه بالصبر على ما يسمع من أذاهم