وإنما قال: عليهم والأصنام مؤنثة، لأن الكفار نحلوها العقل والتمييز، فجرت مجرى المذكرين من الناس.
قوله تعالى: * (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * فزعم أن له شريكا؟!
وإذ اعتزلوهم وما يعبدون إلا الله فأوا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا " 16 " * وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا " 17 " قوله تعالى: * (وإذ اعتزلتموهم) * قال ابن عباس: هذا قول يمليخا، وهو رئيس أصحاب الكهف، قال لهم: وإذ اعتزلتموهم، أي: فارقتموهم، يريد: عبدة الأصنام، * (وما يعبدون إلا الله) * فيه قولان:
أحدهما: واعتزلتم ما يعبدون، إلا الله، فإن القوم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه آلهة، فاعتزل الفتية عبادة الآلهة، ولم يعتزلوا عبادة الله، هذا قول عطاء الخراساني، والفراء.
والثاني: وما يعبدون غير الله; قال قتادة: هي في مصحف، عبد الله: " وما يعبدون من دون الله "، وهذا تفسيرها.
قوله تعالى: * (فأووا إلى الكهف) * أي: اجعلوه مأواكم، * (ينشر لكم ربكم من رحمته) * أي:
يبسط عليكم من رزقه، * (ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) * قرأ ابن كثير، وأبو عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: " مرفقا " بكسر الميم، وفتح الفاء، وقرأ نافع، وابن عامر: " مرفقا " بفتح الميم وكسر الفاء، في كل مرفق ارتفقت به، ويكسرون مرفق الإنسان، والعرب بعد يكسرون الميم منهما جميعا. قال ابن الأنباري: معنى الآية: ويهيئ لكم من أمركم الصعب مرفقا، قال الشاعر:
- فليت لنا من ماء زمزم شربة * مبردة باتت على طهيان - معناه: فليت لنا بدلا من ماء زمزم. قال ابن عباس: " ويهيئ لكم ": يسهل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه ويأتكم باليسر والرفق واللطف.