ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير " 70 " قوله تعالى: * (لكل أمة جعلنا منسكا) * قد سبق بيانه في هذه السورة * (فلا ينازعنك في الأمر) * أي: في الذبائح، وذلك أن كفار قريش وخزاعة خاصموا رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أمر الذبيحة، فقالوا:
كيف تأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتله الله؟! يعنون: الميتة.
فإن قيل: إذا كانوا هم المنازعين له، فكيف قيل: " فلا ينازعنك في الأمر "؟
فقد أجاب عنه الزجاج، فقال المراد: النهي له عن منازعتهم، فالمعنى: لا تنازعنهم، كما تقول للرجل: لا يخاصمنك فلان في هذا أبدا، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا من اثنين، لأن المجادلة والمخاصمة لا تتم إلا باثنين، فإذا قلت: لا يجادلنك فلان، فهو بمنزلة: لا تجادلنه، ولا يجوز هذا في قولك: لا يضربنك فلان وأنت تريد: لا تضربنه، ولكن لو قلت: لا يضاربنك فلان، لكان كقولك: لا تضاربن، ويدل على هذا الجواب قوله: * (وإن جادلوك) *.
قوله تعالى: * (وادع إلى ربك) * أي: إلى دينه والإيمان به. و " جادلوك " بمعنى: خاصموك في أمر الذبائح، * (فقل الله أعلم بما تعملون) * من التكذيب، فهو يجازيكم به. * (الله يحكم بينكم يوم القيامة) * أي: يقضي بينكم * (فيما كنتم فيه تختلفون) * من الدين، أي: تذهبون إلى خلاف ما ذهب إليه المؤمنون وهذا أدب حسن علمه الله عباده ليردوا به من جادل على سبيل التعنت، ولا يجيبوه، ولا يناظروه.
فصل قال أكثر المفسرين: هذا نزل قبل الأمر بالقتال، ثم نسخ بآية السيف. وقال بعضهم: هذا نزل في حق المنافقين، كانت تظهر من أقوالهم وأفعالهم فلتات تدل على شركهم، ثم يجادلون على ذلك، فوكل أمرهم إلى الله تعالى، فالآية على هذا محكمة.
قوله تعالى: * (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء الأرض) * هذا استفهام يراد به التقرير; والمعنى: قد علمت ذلك * (إن ذلك) * يعني ما يجري في السماوات والأرض * (في كتاب) * يعني:
اللوح المحفوظ، * (إن ذلك) * أي: علم الله بجميع ذلك * (على الله يسير) * سهل لا يتعذر عليه العلم به.
ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما للظالمين من نصير " 71 " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر