والثاني: أن المعنى: ونحشرهم مسحوبين على وجوههم، قاله ابن عباس.
والثالث: نحشرهم مسرعين مبادرين، فعبر بقوله [تعالى]: " على وجوههم " عن الإسراع، كما تقول العرب: قد مر القوم على وجوههم: إذا أسرعوا، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى: * (عميا وبكما وصما) * فيه قولان:
أحدهما: عميا لا يرون شيئا يسرهم، وبكما لا ينطقون بحجة، وصما لا يسمعون شيئا يسرهم، قاله ابن عباس. وقال في رواية: عميا عن النظر إلى ما جعل الله تعالى لأوليائه، وبكما عن مخاطبة الله تعالى، وصما عما مدح به أولياءه، وهذا قول الأكثرين.
والثاني: أن هذا الحشر في بعض أحوال القيامة بعد الحشر الأول. قال مقاتل: هذا يكون حين يقال لهم: * (اخسؤوا فيها) * فيصيرون عميا بكما صما لا يرون ولا يسمعون ولا ينطقون بعد ذلك.
قوله تعالى: * (كلما خبت) * قال ابن عباس: أي: سكنت. قال المفسرون: وذلك أنهم تأكلهم، فإذا لم تبق منهم شيئا وصاروا فحما ولم تجد شيئا تأكله، سكنت، فيعادون خلقا جديدا، فتعود لهم. وقال ابن قتيبة: يقال: خبت النار: إذا سكن لهبها. فاللهب يسكن، والجمر يعمل، فإن سكن اللهب، ولم يطفأ الجمر، قيل: خمدت تخمد خمودا، فإن طفئت ولم يبق منها شئ، قيل:
همدت تهمد همودا. ومعنى * (زدناهم سعيرا) *: نارا تتسعر، أي: تتلهب. وما بعد هذا قد سبق تفسيره إلى قوله تعالى: * (قادر على أن يخلق مثلهم) * أي: على أن يخلقهم مرة ثانية، وأراد ب " مثلهم " إياهم، وذلك أن مثل الشئ مساو له، فجاز أن يعبر به عن نفس الشئ يقال: مثلك لا يفعل هذا، أي: أنت، ومثله قوله تعالى: * (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به) * وقدتم الكلام عند قوله تعالى: * (مثلهم) *، ثم قال: * (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه) * يعني: أجل البعث * (فأبى الظالمون إلا كفورا) * أي: جحودا بذلك الأجل قوله تعالى: * (قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي) * قال الزجاج: المعنى: لو تملكون أنتم، قال المتلمس:
- ولغير أخوالي أرادوا نقيصتي * نصبت لهم فوق العرانين ميسما - المعني: لو أراد غير أخوالي.
وفي هذه الخزائن قولان: