إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " 30 " أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا " 31 " قوله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * قال الزجاج: خبر " إن " ها هنا على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون على إضمار: * (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) * منهم، ولم يحتج إلى ذكر " منهم " لأن الله تعالى قد أعلمنا أنه محبط عمل غير المؤمنين.
والثاني: أن يكون خبر " إن ": * (أولئك لهم جنات عدن) *، ويكون قوله: * (إنا لا نضيع) * قد فصل به بين الاسم وخبره، لأنه يحتوي على معنى الكلام الأول، لأن من أحسن عملا بمنزلة الذين آمنوا.
والثالث: أن يكون الخبر: * (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) * بمعنى: إنا لا نضيع أجرهم.
قال المفسرون: ومعنى * (لا نضيع أجر من أحسن عملا) * أي: لا نترك أعماله تذهب ضياعا، بل نجازيه عليها بالثواب.
فأما الأساور، فقال الفراء: في الواحد منها ثلاث لغات: إسوار، وسوار، وسوار; فمن قال: إسوار، جمعه أساور، ومن قال: سوار أو سوار، جمعه أسورة، وقد يجوز أن يكون واحد أساورة وأساور: سوار; وقال الزجاج: الأساور جمع أسورة، وأسورة جمع سوار، يقال: سوار اليد، بالكسرة، وقد حكي: سوار. قال المفسرون: لما كانت الملوك تلبس في الدنيا الأساور في اليد والتيجان على الرؤوس، جعل الله تعالى ذلك لأهل الجنة. قال سعيد بن جبير: يحلى كل واحد منهم بثلاثة من الأساور، واحد من فضة، وواحد من ذهب، وواحد من لؤلؤ ويواقيت.
فأما " السندس " و " الإستبرق "، فقال ابن قتيبة: السندس: رقيق الديباج، والإستبرق ثخينه. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي، قال: السندس: رقيق الديباج، لم يختلف أهل اللغة في أنه معرب، قال الراجز:
- وليلة من الليالي حندس * لون حواشيها كلون السندس - والاستبرق: غليظ الديباج، فارسي معرب، وأصله إستفره. وقال ابن دريد: إستروه،