قوله تعالى: * (تهجرون) * قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " تهجرون " بفتح التاء وضم الجيم. وفي معناها أربعة أقوال:
أحدها: تهجرون ذكر الله والحق، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: تهجرون كتاب الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن.
والثالث: تهجرون البيت، قاله أبو صالح. وقال سعيد بن جبير: كانت قريش تسمر حول البيت، وتفتخر به ولا تطوف به.
والرابع: تقولون هجرا من القول، وهو اللغو والهذيان، قاله ابن قتيبة. قال الفراء: يقال: قد هجر الرجل في منامه: إذا هذى، والمعنى: إنكم تقولون في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس فيه ومالا يضره.
وقرأ ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن محيصن، ونافع: " تهجرون " بضم التاء وكسر الجيم. قال ابن قتيبة: وهذا من الهجر، وهو السب والإفحاش من المنطق، يريد سبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعه. وقرأ أبو العالية، وعكرمة، وعاصم الجحدري، وأبو نهيك: " تهجرون " بتشديد الجيم ورفع التاء; قال ابن الأنباري: ومعناها معنى قراءة ابن عباس.
أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين " 68 " أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون " 69 " أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون " 70 " قوله تعالى: * (أفلم يدبروا القول) * يعني: القرآن، فيعرفوا ما فيه من الدلالات والعبر على صدق رسولهم * (أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين) * المعنى: أليس قد أرسل الأنبياء إلى أممهم كما أرسل محمد صلى الله عليه وسلم؟! * (أم لم يعرفوا رسولهم) * هذا توبيخ لهم، لأنهم عرفوا نسبه وصدقه وأمانته صغيرا وكبيرا ثم أعرضوا عنه. والجنة: الجنون، * (بل جاءهم بالحق) * يعني القرآن.
ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون " 71 " أم تسئلهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين " 72 "