والرابع: أن الزكاة الزيادة، فالمعنى: وآتيناه زيادة في الخير على ما وصف وذكر، قاله ابن الأنباري.
قوله تعالى: * (وكان تقيا) * قال ابن عباس: جعلته يتقيني، لا يعدل بي غيري.
قوله تعالى: * (وبرا بوالديه) * أي: وجعلناه برا بوالديه، والبر بمعنى: البار; والمعنى: لطيفا بهما، محسنا إليهما. والعصي بمعنى: العاصي. وقد شرحنا معنى الجبار في [سورة] هود.
قوله تعالى: * (وسلام عليه) * فيه قولان:
أحدهما: أنه السلام المعروف من الله تعالى، قال عطاء: سلام عليه مني في هذه الأيام; وهذا اختيار أبي سليمان.
والثاني: أنه بمعنى: السلامة، قاله ابن السائب.
فإن قيل: كيف خص التسليم عليه بالأيام وقد يجوز أن يولد ليلا ويموت ليلا؟
فالجواب: أن المراد باليوم الحين والوقت، على ما بينا في قوله: * (اليوم أكملت لكم دينكم) *. قال ابن عباس: وسلام عليه حين ولد. وقال الحسن البصري: التقى يحيى وعيسى، فقال يحيى لعيسى: أنت خير مني، فقال عيسى ليحيى: بل أنت خير مني، سلم الله عليك، وأنا سلمت على نفسي. وقال سعيد بن جبير مثله، إلا أنه قال: أثنى الله عليك، وأنا أثنيت على نفسي.
وقال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الإنسان في ثلاثة مواطن، يوم يولد فيرى نفسه خارجا مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر لم يره، فخص الله تعالى يحيى فيها بالكرامة والسلامة في المواطن الثلاثة.
واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا " 16 " فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا " 17 " قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا " 18 " قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا " 19 " قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا " 20 " قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله