قوله تعالى: * (وترى الشمس إذا طلعت) * المعنى: لو رأيتها لرأيت ما وصفنا. * (تزاور) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: " تزاور " بتشديد الزاي. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي:
" تزاور " خفيفة. وقرأ ابن عامر: " تزور " مثل: " تحمر ". وقرأ أبي بن كعب، وأبو مجلز، وأبو رجاء، والجحدري: " تزوار " بإسكان الزاي، وبألف ممدودة بعد الواو من غير همزة، مشددة الراء. وقرأ ابن مسعود، وأبو المتوكل، وابن السميفع: " تزوئر " بهمزة قبل الراء، مثل:
" تزوعر ". وقرأ أبو الجوزاء، وأبو السماك: " تزور " بفتح التاء والزاي وتشديد الواو المفتوحة.
خفيفة الراء، مثل: " تكور " والمعنى: تميل أو تعدل. قال الزجاج: " تزاور ": تتزاور، فأدغمت التاء في الزاي، و (تقرضهم) أي: تعدل عنهم وتتركهم، وقال ذو الرمة:
- إلى طغن لو يقرضن أجواز مشرف * شمالا وعن أيمانهن الفوارس - يقرضن: يتركن. وأصل القرض: القطع والتفرقة بين الأشياء، ومنه: أقرضني درهما، أي: اقطع لي من مالك درهما. قال المفسرون: كان كهفهم بإزاء بنات نعش في أرض الروم، فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها وتغير ألوانهم. ثم أخبر أنهم كانوا في متسع من الكهف ينالهم فيه برد الريح، ونسيم الهواء، فقال: * (وهم في فجوة منه) * قال أبو عبيدة: أي: في متسع، والجميع: فجوات، وفجاء، بكسر الفاء. وقال الزجاج:
إنما صرف الشمس عنهم آية من الآيات، ولم يرض قول من قال: كان كهفهم بإزاء بنات نعش.
قوله تعالى: * (ذلك من آيات الله) * يشير إلى ما صنعه بهم من اللطف في هدايتهم، وصرف أذى الشمس عنهم، والرعب الذي ألقى عليهم حتى لم يقدر الملك الظالم ولا غيره على أذاهم. " من آيات الله " أي: من دلائله على قدرته ولطفه. * (من يهد الله فهو المهتد) * هذا بيان أنه هو الذي تولى هداية القوم، ولولا ذلك لم يهتدوا.
وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا " 18 " قوله تعالى: * (وتحسبهم أيقاظا) * أي: لو رأيتهم لحسبتهم بكر أيقاظا. قال الزجاج:
الأيقاظ: المنتبهون، واحدهم: يقظ، ويقظان، والجميع: أيقاظ; والرقود: النيام. وقال الفراء: واحد الأيقاظ: يقظ، ويقظ. قال ابن السائب: وإنما يحسبون أيقاظا، لأن أعينهم مفتحة وهم نيام. وقيل: لتقلبهم قد يمينا وشمالا. وذكر بعض أهل العلم: أن وجه الحكمة في فتح أعينهم، أنه لو دام طبقها لذابت.