قوله تعالى: * (فأقامه) * أي: سواه، لأنه وجده مائلا.
وفي كيفية ما فعل قولان:
أحدهما: أنه دفعه بيده فقام.
والثاني: هدمه ثم قعد يبنيه، روي القولان عن ابن عباس.
قوله تعالى: * (لو شئت لتخذت عليه أجرا) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " لتخذت " بكسر الخاء، غير أن أبا عمرو كان يدغم الذال، ابن كثير يظهرها. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " لاتخذت " وكلهم أدغموا، إلا حفصا عن عاصم، فإنه لم يدغم مثل ابن كثير. قال الزجاج: يقال: تخذ يتخذ في معنى: اتخذ يتخذ. وإنما قال له هذا، لأنهم لم يضيفوهما.
قوله تعالى: * (قال) * يعني: الخضر * (هذا) * يعني: الإنكار علي * (فراق بيني وبينك) * أي: هو المفرق بيننا. قال الزجاج: المعنى: هذا فراق بيننا، أي: فراق اتصالنا، وكرر " بين " توكيدا، ومثله في الكلام: أخزى الله الكاذب مني ومنك. وقرأ أبو رزين، وابن السميفع، وأبو العالية، وابن أبي عبلة: " هذا فراق " بالتنوين " بيني وبينك " بنصب النون. قال ابن عباس: كان قول موسى في السفينة والغلام، لربه، وكان قوله في الجدار، لنفسه، لطلب شئ من الدنيا.
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا " 79 " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا " 80 " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " 81 " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا " 82 " قوله تعالى: * (فكانت لمساكين) * في المراد بمسكنتهم قولان:
أحدهما: أنهم كانوا ضعفاء في أكسابهم.
والثاني: في أبدانهم. وقال كعب: كانت لعشرة إخوة، خمسة زمني، وخمسة يعلمون في البحر.