والثاني: وما منع الشيطان الناس أن يؤمنوا إلا لأن تأتيهم سنة الأولين، أي: منعهم رشدهم لكي يقع العذاب بهم، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: ما منعهم إلا أني قد قدرت عليهم العذاب. وهذه الآية فيمن قتل ببدر واحد من المشركين، قاله الواحدي.
قوله تعالى: * (أو يأتيهم العذاب) * ذكر ابن الأنباري في * (أو) * ها هنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها بمعنى الواو.
الثاني: أنها لوقوع أحد الشيئين، إذ لا فائدة في بيانه.
والثالث: أنها دخلت للتبعيض، أي: أن بعضهم يقع به هذا [وبعضهم يقع به هذا] وهذه الأقوال الثلاثة قد أسلفنا بيانها في قوله تعالى: * (أو كصيب من السماء) *.
قوله تعالى: * (قبلا) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر: " قبلا " بكسر القاف وفتح الباء. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: " قبلا " بضم القاف والباء. وقد بينا علة القراءتين في [سورة] الأنعام. وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود. " قبيلا " بوزن فعيل. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو المتوكل " قبلا " بفتح القاف من غير ياء، قال ابن قتيبة: أراد استئنافا.
فإن قيل: إذا كان المراد بسنة الأولين العذاب، فما فائدة التكرار بقوله: * (أو يأتيهم العذاب؟.
فالجواب: أن سنة الأولين أفادت عذابا مبهما يمكن أن يتراخى وقته، وتخلف أنواعه، وإتيان العذاب قبلا أفاد القتل يوم بدر. قال مقاتل: " سنة الأولين ": عذاب الأمم السالفة، " أو يأتيهم العذاب قبلا "، أي: عيانا قتلا بالسيف يوم بدر.
وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا " 56 " ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها نسى ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا " 57 " وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بم كسبوا