ربي شقيا) * أي: أرجو أن لا أشقى بعبادته كما شقيتم أنتم بعبادة الأصنام، لأنها لا تنفعهم ولا تجيب دعاءهم * (فلما اعتزلهم) * قال المفسرون: هاجر عنهم إلى أرض الشام، فوهب الله له إسحاق ويعقوب، فآنس الله وحشته عن فراق قومه بأولاد كرام. قال أبو سليمان: وإنما وهب له إسحاق ويعقوب بعد إسماعيل.
قوله تعالى: * (وكلا) * أي: وكلا من هذين. وقال مقاتل: * (وكلا) * يعني: إبراهيم وإسحاق ويعقوب * (جعلناه نبيا) *.
قوله تعالى: * (ووهبنا لهم من رحمتنا) * قال المفسرون: المال والولد والعلم والعمل، * (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) *: أي: ذكرا حسنا في الناس مرتفعا، فجميع أهل الأديان يتولون إبراهيم وذريته ويثنون عليهم، فوضع اللسان مكان القول، لأن القول يكون باللسان.
واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا " 51 " وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا " 52 " ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا " 53 " قوله تعالى: * (إنه كان مخلصا) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، والمفضل عن عاصم: " مخلصا " بكسر اللام. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم بفتح اللام. قال الزجاج: المخلص، بكسر اللام: الذي وحد الله، وجعل نفسه خالصة في طاعة الله غير دنسة، والمخلص، بفتح اللام: الذي أخلصه الله، وجعله مختارا خالصا من الدنس.
قوله تعالى: * (وكان رسولا) * قال ابن الأنباري: إنما أعاد * (كان) * لتفخيم النبي المذكور.
قوله تعالى: * (وناديناه من جانب الطور) * أي: من ناحية الطور، وهو جبل بين مصر ومدين اسمه زبير. قال ابن الأنباري: خاطب الله العرب بما يستعملون في لغتهم، ومن كلامهم: عن يمين القبلة وشمالها، يعنون: مما يلي يمين المستقبل لها وشماله، فنقلوا الوصف إلى ذلك اتساعا عند انكشاف المعنى، لأن الوادي لا يد له فيكون له يمين. وقال المفسرون: جاء النداء عن يمين موسى، فلهذا قال: " الأيمن "; ولم يرد به يمين الجبل.
قوله تعالى: * (وقربناه نجيا) * قال ابن الأنباري: معناه: مناجيا، فعبر " فعيل " عن مفاعل، كما قالوا: فلان خليطي وعشيري: يعنون: مخالطي ومعاشري. وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: " وقربناه " قال: حتى سمع صريف القلم حين كتب له في الألواح.