صارت فيها الحمأة. ومن قرأ: " حامية " بغير همز; أراد: حارة. وقد تكون حارة ذات حمأة.
وروى قتادة عن الحسن، قال: وجدها تغرب في ماء يغلي كغليان القدور * (ووجد عندها قوما) * لباسهم جلود السباع، وليس لهم طعام إلا ما أحرقت الشمس من الدواب إذا غربت نحوها، وما لفظت العين من الحيتان إذا وقعت فيها الشمس. وقال ابن السائب: وجد عندها قوما مؤمنين وكافرين، يعني عند العين. وربما توهم متوهم أن هذه الشمس على عظم قدرها تغوص بذاتها في عين ماء، وليس كذلك. فإنها أكبر من الدنيا مرارا، فكيف يسعها عين وإنما وجدها تغرب في العين كما يرى راكب البحر الذي لا يرى طرفه أن الشمس تغيب في الماء، وذلك لأن ذا القرنين انتهى إلى آخر البنيان فوجد عينا حمئة ليس بعدها أحد.
قوله تعالى: * (قلنا يا ذا القرنين) * فمن قال: إنه نبي، قال: هذا القول وحي; ومن قال:
ليس بنبي، قال: هذا إلهام.
قوله تعالى: * (إما أن تعذب) * قال المفسرون: إما أن تقتلهم إن أبوا ما تدعوهم إليهم، وإما أن تأسرهم، فتبصرهم الرشد. * (قال أما من ظلم) * أي: أشرك * (فسوف نعذبه) * بالقتل إذا لم يرجع عن الشرك. وقال الحسن: كان يطبخهم في القدور، * (ثم يرد إلى ربه) * بعد العذاب * (فيعذبه عذابا نكرا) *.
قوله تعالى: * (فله جزاء الحسنى) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: " جزاء الحسنى " برفع مضاف. قال الفراء: " الحسنى " الجنة، وأضيف الجزاء إليها، وهي الجزاء، كقوله: * (إنه لحق اليقين) * * (ودين القيمة) * * (ولدار الآخرة) * قال أبو علي الفارسي: المعنى: فله جزاء الخلال الحسنى، لأن الإيمان والعمل الصالح خلال. وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وخلف، ويعقوب: " جزاء " بالنصب والتنوين; قال الزجاج: وهو مصدر منصوب على الحال، المعنى: فله الحسنى مجزيا بها جزاء. قال ابن الأنباري: وقد يكون الجزاء غير الحسنى إذا تأول الجزاء بأنه الثواب; والحسنى: الحسنة المكتسبة في الدنيا، فيكون المعنى: فله ثواب ما قدم من الحسنات.
قوله تعالى: * (وسنقول له من أمرنا يسرا) * أي: نقول له قولا جميلا.
ثم اتبع سببا " 89 " حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم