إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا " 7 " عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا " 8 " قوله تعالى: * (إن أحسنتم) * أي: وقلنا لكم إن أحسنتم فأطعتم الله * (أحسنتم لأنفسكم) * أي: عاقبة الطاعة لكم * (وإن أسأتم) * بالفساد والمعاصي * (فلها) * وفيه قولان:
أحدهما: أنه بمعنى: فإليها.
والثاني: فعليها.
* (فإذا جاء وعد الآخرة) * جواب " فإذا " محذوف، تقديره: فإذا جاء وعد عقوبة المرة الآخرة من إفسادكم، بعثناهم ليسوءوا وجوهكم، وهذا الفساد الثاني، هو قتلهم يحيى بن زكريا، وقصدهم قتل " عيسى " فرفع، وسلط الله عليهم ملوك فارس والروم فقتلوهم وسبوهم، فذلك قوله [تعالى]: * (ليسوءوا وجوهكم) *. قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم:
" ليسوؤوا " بالياء على الجميع والهمز بين الواوين، والإشارة إلى المبعوثين. وقرأ ابن عامر، وحمزة، وأبو بكر عن عاصم: " ليسوء وجوهكم " على التوحيد; قال أبو علي: فيه وجهان.
أحدهما: ليسوء الله عز وجل. والثاني: ليسوء البعث. وقرأ الكسائي: " لنسوء " بالنون، وذلك راجع إلى الله تعالى.
وفيمن بعث عليهم في المرة الثانية قولان:
أحدهما: بختنصر، قاله مجاهد، وقتادة. وكثير من الرواة يأبى هذا القول، ويقولون: كان بين تخريب " بختنصر " بيت المقدس، وبين مولد يحيى بن زكريا زمان طويل.
والثاني: انطياخوس الرومي قاله مقاتل. ومعنى * (ليسوءوا وجوهكم) * أي: ليدخلوا عليكم الحزن بما يفعلون من قتلكم وسبيكم، وخصت المساءة بالوجوه، والمراد: أصحاب الوجوه، لما يبدو عليها من أثر الحزن والكآبة.
قوله تعالى: * (وليدخلوا المسجد) * يعني: بيت المقدس * (كما دخلوه) * في المرة الأولى * (وليتبروا) * أي: ليدمروا ويخربوا. قال الزجاج: يقال لكل شئ ينكسر من الزجاج والحديد والذهب: تبر. ومعنى * (ما علوا) * أي: ليدمروا في حال علوهم عليكم.
قوله تعالى: * (عسى ربكم أن يرحمكم) * هذا مما وعدوا، به في التوراة، و " عسى " من الله واجبة فرحمهم الله بعد انتقامه منهم، وعمر بلادهم، وأعاد نعمهم بعد سبعين سنة. * (وإن