وكنت له فيه ظهرا قوله تعالى: * (وأشركه في أمري) * أي: في النبوة معي * (كي نسبحك) * أي: نصلي لك * (ونذكرك) * بألسنتنا حامدين لك على ما أوليتنا من نعمك * (إنك كنت بنا بصيرا) * أي: عالما إذ خصصتنا بهذه النعم، قال قد أوتيت سؤلك يا موسى " 36 " ولقد مننا عليك مرة أخرى " 37 " إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى " 38 " أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني " 39 " إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى " 40 " واصطنعتك لنفسي " 41 " اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري " 42 " قوله تعالى: * (قال قد أوتيت سؤلك) * قال ابن قتيبة: أي: طلبتك، وهو " فعل " من " سألت "، أي: أعطيت ما سألت.
قوله تعالى: * (ولقد مننا عليك) * أي: أنعمنا عليك * (مرة أخرى) * قبل هذه المرة. ثم بين متى كانت بقوله: * (إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى) * أي: ألهمناها ما يلهم مما كان سببا لنجاتك، ثم فسر ذلك بقوله: * (أن اقذفيه في التابوت) * وقذف الشئ: الرمي به.
فإن قيل: ما فائدة قوله: * (ما يوحى) * وقد علم ذلك؟ فقد ذكر عنه ابن الأنباري جوابين:
أحدهما: أن المعنى: أوحينا إليها الشئ الذي يجوز أن يوحى إليها، إذ ليس كل الأمور يصلح وحيه إليها، لأنها ليست بنبي، وذلك أنها ألهمت.
والثاني: أن * (ما يوحى) * أفاد توكيدا، كقوله: * (فغشاها ما غشى) *.
قوله تعالى: * (فليلقه اليم) * قال ابن الأنباري: ظاهر هذا الأمر، ومعناه معنى الخبر،