والثاني: انهم اليهود قالوا: إن الله صاهر الجن فكانت منهم الملائكة، قاله قتادة. فعلى القولين، المراد بالولد: الملائكة، وكذلك المراد بقوله: * (بل عباد مكرمون) *، والمعنى: بل عباد أكرمهم الله واصطفاهم، * (لا يسبقونه بالقول) *، أي: لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به. وقال ابن قتيبة:
لا يقولون حتى يقول، ثم يقولون عنه، ولا يعملون حتى يأمرهم.
قوله تعالى: * (يعلم ما بين أيديهم) * أي: ما قدموا من الأعمال * (وما خلفهم) * ما هم عاملون، ولا يشفعون يوم القيامة، وقيل: لا يستغفرون في الدنيا * (إلا لمن ارتضى) * أي: لمن رضي عنه، * (وهم من خشيته) * أي: من خشيتهم منه، فأضيف المصدر إلى المفعول، * (مشفقون) * أي:
خائفون. وقال الحسن: يرتعدون. * (ومن يقل منهم) * أي: من الملائكة. قال الضحاك في آخرين:
هذه خاصة لإبليس، لم يدع أحد من الملائكة إلى عبادة نفسه سواه; قال أبو سليمان الدمشقي: وهذا قول من قال: إنه من الملائكة، فإن إبليس قال ذلك للملائكة الذين هبطوا معه إلى الأرض، ومن قال: إنه ليس من الملائكة، قال: هذا على وجه التهديد، وما قال أحد من الملائكة ذلك.
أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شئ حي أفلا يؤمنون " 30 " وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون " 31 " وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون " 32 " وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون " 33 " قوله تعالى: * (أولم ير الذين كفروا) * أي: أولم يعلموا. وقرأ ابن كثير: " ألم ير الذين كفروا " بغير واو بين الألف واللام، وكذلك هي في مصاحف أهل مكة، * (أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) * قال أبو عبيدة: السماوات جمع; والأرض واحدة، فخرجت صفة لفظ الجمع على لفظ صفة الواحد والعرب تفعل هذا إذا أشركوا بين جمع وبين واحد; والرتق مصدر يوصف به الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث سواء، ومعنى الرتق: الذي ليس فيه ثقب. قال الزجاج: المعنى:
كانتا ذواتي رتق، فجعلناهما ذوات فتق، وإنما لم يقل: " رتقين " لأن الرتق مصدر.
وللمفسرين في المراد به ثلاثة أقوال:
أحدهما: أن السماوات كانت رتقا لا تمطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت، ففتق هذه بالمطر،