ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا " 11 " قوله تعالى: * (ويدعو الإنسان بالشر) * وذلك أن الإنسان يدعو في حال الضجر والغضب على نفسه وأهله بما لا يحب أن يستجاب له كما يدعو لنفسه بالخير. * (وكان الإنسان عجولا) * يعجل بالدعاء بالشر عند الغضب والضجر عجلته بالدعاء بالخير.
وفي المراد بالإنسان ها هنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه اسم جنس يراد به الناس، قال الزجاج وغيره.
والثاني: آدم، فاكتفى بذكره من ذكر ولده، ذكره ابن الأنباري.
والثالث: أنه النضر بن الحارث حين قال: * (فأمطر مع علينا حجارة من السماء) *، قاله مقاتل. وقال سلمان الفارسي: أول ما خلق الله من آدم رأسه، فجعل ينظر إلى جسده كيف يخلق، قال: فبقيت رجلاه، فقال: يا رب عجل، فذلك قوله: * (وكان الإنسان عجولا) *.
وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا " 12 " قوله تعالى: * (وجعلنا الليل والنهار آيتين) * أي: علامتين يدلان على قدرة خالقهما.
* (فمحونا آية الليل) * فيه قولان:
أحدهما: أن آية الليل: القمر، ومحوها: ما في بعض القمر من الاسوداد. وإلى هذا المعنى ذهب علي [رضي الله عنه]، وابن عباس في آخرين.
والثاني: آية الليل محيت بالظلمة التي جعلت ملازمة لليل; فنسب المحو إلى الظلمة إذ كانت تمحو الأنوار وتبطلها، ذكره ابن الأنباري. ويروى أن الشمس والقمر كانا في النور والضوء سواء، فأرسل الله جبريل فأمر جناحه على وجه القمر وطمس عنه الضوء.
قوله تعالى: * (وجعلنا آية النهار) * يعني: الشمس * (مبصرة) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: منيرة، قاله قتادة. قال ابن الأنباري: وإنما صلح وصف الآية بالإبصار على جهة المجاز، كما يقال: لعب الدهر ببني فلان.
والثاني: أن معنى * (مبصرة) *: مبصرا بها، قاله ابن قتيبة.