عدتم) * إلى معصيتنا * (عدنا) * إلى عقوبتكم. قال المفسرون: ثم إنهم عادوا إلى المعصية، فبعث الله عليهم ملوكا من ملوك فارس والروم. قال قتادة: ثم كان آخر ذلك أن بعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم، فهم في عذاب إلى يوم القيامة، فيعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
قوله تعالى: * (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) * فيه قولان:
أحدهما: سجنا، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة. وقال مجاهد: يحصرون فيها.
وقال أبو عبيدة، وابن قتيبة: محبسا، وقال الزجاج: " حصيرا ": حبسا، أخذ من قولك:
حصرت الرجل، إذا حبسته، فهو محصور، وهذا حصيره، أي: محبسه، والحصير:
المنسوج، سمي حصيرا، لأنه حصرت طاقاته بعضها مع بعض، ويقال للجنب: حصير، لأن بعض الأضلاع محصور مع بعض. وقال ابن الأنباري: حصيرا: بمعنى: حاصرة، فصرف من حاصرة إلى حصير، كما صرف " مؤلم " إلى أليم.
والثاني: فراشا ومهادا، قاله الحسن. قال أبو عبيدة: ويجوز أن تكون جهنم لهم مهادا بمنزلة الحصير، والحصير: البساط الصغير.
إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا " 9 " وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما " 10 " قوله تعالى: * (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) * قال ابن الأنباري: " التي " وصف للجمع، والمعنى: يهدي إلى الخصال التي هي أقوم الخصال. قال المفسرون: وهي توحيد الله والإيمان به وبرسله والعمل بطاعته، * (ويبشر المؤمنين أن لهم) * أي: بأن لهم * (أجرا) * وهو الجنة، * (وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة) * أي: ويبشرهم بالعذاب، لأعدائهم، وذلك أن المؤمنين كانوا في أذى من المشركين، فعجل الله لهم البشرى في الدنيا بعقاب الكافرين.