ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين " 48 " الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون " 49 " وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون " 50 " قوله تعالى: * (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: التوراة التي فرق بها الحلال والحرام، قاله مجاهد، وقتادة.
والثاني: البرهان الذي فرق به بين حق موسى وباطل فرعون، قاله ابن زيد.
والثالث: النصر والنجاة لموسى، وإهلاك فرعون، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: * (وضياء) * روى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يرى الواو زائدة; قال الزجاج:
وكذلك قال بعض النحويين أن المعنى: الفرقان ضياء، وعند البصريين: أن الواو لا تزاد ولا تأتي إلا بمعنى العطف، فهي هاهنا مثل قوله [تعالى]: * (فيها هدى ونور) * قال المفسرون: والمعنى أنهم استضاؤوا بالتوراة حتى اهتدوا بها في دينهم. ومعنى قوله [تعالى]: * (وذكرا للمتقين) * أنهم يذكرونه ويعملون بما فيه. * (الذين يخشون ربهم بالغيب) * فيه أربعة أقوال:
أحدها: يخافونه ولم يروه، قاله الجمهور.
والثاني: يخشون عذابه ولم يروه، قاله مقاتل.
والثالث: يخافونه من حيث لا يراهم أحد، قاله الزجاج.
والرابع: يخافونه إذا غابوا عن أعين الناس كخوفهم له إذا كانوا بين الناس، قاله أبو سليمان الدمشقي. ثم عاد إلى ذكر القرآن، فقال: * (وهذا) * يعني: القرآن * (ذكر) * لمن تذكر به، وعظه لمن اتعظ * (مبارك) * أي: كثير الخير * (أفأنتم) * يا أهل مكة * (له منكرون) * أي: جاحدون؟ وهذا استفهام توبيخ.
ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين " 51 " إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون " 52 " قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين " 53 " قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين " 54 " قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين " 55 " قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين " 56 " وتالله