وإذلال، لأنه المالك للخلق، والخلق يسألون عن أعمالهم، لأنهم عبيد يجب عليهم امتثال امر مولاهم. ولما أبطل عز وجل أن يكون إله سواه من حيث العقل بقوله: * (لفسدتا) *، أبطل ذلك من حيث الأمر فقال: * (أم اتخذوا من دونه آلهة) * وهذا استفهام إنكار وتوبيخ * (قل برهانكم) * على ما تقولون، * (هذا ذكر من معي) * يعني: القرآن خبر من معي على ديني ممن يتبعني إلى يوم القيامة بما لهم من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية * (وذكر من قبلي) * يعني: الكتب المنزلة، والمعنى: هذا القرآن، وهذه الكتب التي أنزلت قبله، فانظروا هل في واحد منها أن الله أمر باتخاذ إله سواه؟ فبطل بهذا البيان جواز اتخاذ معبود غيره من حيث الأمر به قال الزجاج: قيل لهم: هاتوا برهانكم بأن رسولا من الرسل أخبر أمته بأن لهم إلها غير الله!.
قوله تعالى: * (بل أكثرهم) * يعني: كفار مكة * (لا يعلمون الحق) * وفيه قولان:
أحدهما: أنه القرآن، قاله ابن عباس.
والثاني: التوحيد، قاله مقاتل * (فهم معرضون) * عن التفكر والتأمل وما يجب عليهم من الإيمان.
وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " 25 " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون " 26 " لا يسبقون بالقول وهم بأمره يعملون " 27 " يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون " 28 " * ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين " 29 " قوله تعالى: * (من رسول إلا يوحي) * قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: " إلا نوحي " بالنون; والباقون بالياء.
قوله تعالى: * (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا) * في القائلين لهذا قولان:
أحدهما: أنهم مشركو قريش، قاله ابن عباس. وقال ابن إسحاق: القائل لهذا النضر بن الحارث.